واشتغلوا عنها بما أحدثوا من العلوم الحديثة حتى ضاعت الأصول القديمة التي أسست عليها الشريعة. وكان علماء السلف إليها يدعون، وإلى طرقها يهدون، وعليها يعولون. فجددت هذه الطريقة ليعرف معانيها وحججها ولا يقتصر على سماع اسمها دون رسمها. فابتدأت بشرح هذا الكتاب بعد أن تصفحت عامة كتب الأئمة الماضين رضي الله عنهم أجمعين، وعرفت مذاهبهم وما سلكوا من الطرق في تصانيفهم ليعرفوا به المسلمين وما نقلوا من الحجج في هذه المسائل التي حدث الخلاف فيها بين أهل السنة، وبين من انتسب إلى المسلمين ففصلت هذه المسائل.

وبينت في تراجمها أن تلك المسألة متى حدث في الإسلام الاختلاف فيها، ومن الذي أحدثها وتقولها ليعرف حدوثها، وأنه لا أصل لتلك المقالة في الصدر الأول من الصحابة، ثم استدل على صحة مذاهب أهل السنة بما ورد في كتاب الله تعالى فيها وبما روى عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإن وجدت فيهما جميعًا ذكرتهما. وإن وجدت في أحدهما دون الآخر ذكرته، وإن لم أجد فيهما إلا عن الصحابة الذين أمر الله ورسوله أن يقتدي بهم، ويهتدي بأقوالهم، ويستضاء بأنوارهم لمشاهدتهم الوحي والتنزيل ومعرفتهم معاني التأويل احتججت بها. فإن لم يكن فيها أثر عن صحابي فعن التابعين لهم بإحسان الذين في قولهم الشفاء والهدى، والتدين بقولهم القرابة إلى الله والزلفى. فإذا رأيناهم قد أجمعوا على شيء عولنا عليه. ومن أنكروا قوله أوردوا عليه بدعته أو كفروه حكمنا به واعتقدناه. ولم يزل من لدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا قوم يحفظون هذه الطريقة ويتدينون بها. وإنما هلك من حاد عن هذه الطريقة بجهله طرق الإتباع. وكان في الإسلام من تؤخذ عنه هذه الطريقة قوم معدودون. أذكر أساميهم في ابتداء هذا الكتاب لتعرف أساميهم، فيكثر الترحم عليهم والدعاء لهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015