فلا شك أنهم يستحقون هذا الاسم لوجود المعنيين فيهم لمشاهدتنا أن اقتباس الناس الكتاب والسنة فيهم، واعتماد البرية في تصحيحها عليهم، لأنا ما سمعنا عن القرون التي قبلنا، ولا رأينا نحن في زماننا مبتدعًا رأس في إقراء القرآن، وأخذ الناس عنه في زمن من الأزمان ولا ارتفعت لأحد منهم راية في رواية حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيما خلا من الأيام، ولا اقتدى بهم أحد في دين الله، ولا شريعة من شرائع الإسلام.
فالحمد لله الذي كمل لهذه الطائفة سهام الإسلام، وشرفهم بجوامع هذه الأقسام، وميزهم من جميع الأنام حيث أعزهم الله بدينه، ورفعهم بكتابه، وعلا ذكرهم بسنته، وهداهم إلى طريقته، وطريقة رسوله. فهي الطائفة، المنصورة، والفرقة الناجية، والعصبة الهادية، والجماعة العادلة، المتمسكة بالسنة التي لا تريد برسول الله- صلى الله عليه وسلم- بديلًا. ولا عن قوله تبديلًا. ولا عن سنته تحويلًا، لا يثنيهم عنها تقلب الأعصار والأزمان، ولا يلويهم عن سننها ابتداع من كاد الإسلام ليصد عن سبيل الله ويبغيها عوجًا، ويصدف عن طرقه جدلًا ولجاجًا ظنًا منه كاذبًا، وتخمينًا باطلًا إنه يطفي نور الله، والله متمم نوره ولو كره الكافرون. واغتاظ به الجاحدون، فإنهم السواد الأعظم والجمهور الأضخم، فيهم العلم والحكم، والعقل والحلم، والخلافة والسيادة، والملك والسياسة، وهم أصحاب الجمعات، والمشاهد، والجماعات، والمساجد والمناسك والأعياد، والحج، والجهاد، وباذلوا المعروف للصادر والوارد، وعمار الثغور والقناطر الذين جاهدوا في الله حق جهاده، واتبعوا رسوله على منهاجه، الذين أذكارهم في الزهد مشهورة وأنفاسهم على الأوقات محفوظة، وآثارهم على الزمان متنوعة، ومواعظهم