برجله، وانجذاب الشجرة بأغصانها وعروقها إليها، وسجود البعير له، ونبوع الماء من أصابعه، حتى توضأ به بشر كثير، وربو الطعام اليسير بتبريكه فيه، حتى أكل منه عدد جم. وإخبار الذراع إياه بأنها مسمومة، وأمور كثيرة يكثر تعدادها، وهي مشهورة ومجموعة في الكتب التي انتسبت لمعرفة هذا الشأن.

فلما استقر بما شاهدوه من هذه الأمور في نفوسهم، وثبت ذلك في عقولهم، صحت عندهم نبوته، وظهرت عن غيره بينونته، ووجب تصديقه على ما أنبأهم عنه من الغيوب، ودعاهم إليه من أمر وحدانية الله تعالى، وإثبات صفاته، وإلى ذلك مما وجدوه في أنفسهم، وفي سائر المصنوعات، من آثار الصنعة، ودلائل الحكمة الشاهدة على أن لها صانعًا حكيمًا عالمًا خبيرًا، تام القدرة، بالغ الحكمة.

وقد نبههم الكتاب عليه، ودعاهم إلى تدبره وتأمله، والاستدلال به على ثبوت ربوبيته، فقال (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) إشارة إلى ما فيها من آثار الصنعة، ولطيف الحكمة الدالين على وجود الصانع الحكيم ما ركب فيها من الحواس التي عنها يقع الإدراك، والجوارح التي يتأثر بها القبض والبسط، والأعضاء المعدة للأفعال التي هي خاصة بها، كالأضراس الحادثة فيهم عند غنائهم عن الرضاع، وحاجتهم إلى الغذاء فيقع بها الطحن له وكالمعدة التي اتخذت لطبخ الغذاء، والكبد التي يسلك إليه صفاوته، وغنها يكون انقسامه على الأعضاء في مجاري العروق المهيأة لنفوذه إلى أطراف البدن، وكالأمعاء التي إليها يرسب ثقل الغذاء وتمجه، فيبرز عن البدن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015