النفوس عن نفارها، وطمأنينة القلوب، وطيب طباع الإيمان غير أن الله منعهم ما سألوا، إذ فوق ما سألوا آيات لا يوقف على منتهاها، فلم يكن يجب أن لو كان ذلك كذلك إيمان على أحد حتى يبلغ من غاية المعرفة بأمور الله ما أحاط به علم الله، ثم كذلك الأمر الذي لا يعذر به عبد أن يسأله، بل الأمر فيه إلى الله فيما يوفق، ويخذل، وفيما يبين ويبهم، وفيما يشرح ويمنع، حتى يكون العباد في كل وقت مسلمين لأحكامه لا يتعقبونها بتكييف ولا مسألة عن غاية مراده فيها.
ولقد ذكر يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي أنه قال: ما من ذنب يلقى الله به عبد بعد الشرك بالله، أعظم من أن يلقاه بهذا الكلام، قال فقلت له: فإن صاحبنا الليث بن سعد كان يقول: لو رأيت رجلًا من أهل الكلام يمشي على الماء، فلا تركن إليه. فقال الشافعي: لقد قصر إن رأيته يمشي في الهواء، فلا تركن إليه. وقال يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي قال: مذهبي في أهل الكلام مذهب عمر في صبيغ، تقنع رؤوسهم بالسياط، ويسيرون من البلاد.
هذا الفصل أملاه ((البوشنجي)) فدون تأليفًا مستقلًا، ويمسى مسألة التسليم لأمر الله والنهي عن الدخول في كيفيته.
والبوشنجي هذا من أئمة الشافعية، قال ابن السبكي في الطبقات: كان من أجلاء الأئمة، شيخ أهل الحديث في زمانه، شيع ابن خزيمة جنازته. فسئل عن مسألة فقال: لا أفتي حتى يواريه لحده.
وأخرج الهروي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: كان أبي وأبو زرعة