عن أمر، سلموا بائتماره والعمل عليه، وما نهينا عنه من شيء سلموا بترك ركوبه، ومتى عتوا عن ظاهر ما أمروا به، ونهوا عنه، ليبلغوا القصوى من غاية علم أمره ونهيه، لم يؤمن عليه الحيرة ولا غلبة الشبهة على قلبه وفهمه.
ومن أجل ذلك، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: وما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة.
ولقد سأل سائل ابن عباس رضي الله عنهما عن آية من كتاب الله، فقال: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر.
وقال أيوب السختياني: لا تحدثوا الناس بما يجهلون فتضروهم، وما منع الله تعالى رسوله محمد- صلى الله عليه وسلم- البيان عن بعض ما سأله إلا وقد علم أن ذلك المنع إعطاء، وأن المنع أجدى على الأمة وأسلم لهم في بدئهم وعاقبتهم، ولولا ذلك لكان من سأل من المشركين والأمم الكافرين رسلهم وأنبياءهم الآيات، وصنوف العجائب والبينات معذورين، ولكانت الرسل في ترك أسعافهم مذمومين، ولكان كلما سألوا من آية دونها آية، وفوقها أخرى، حتى أفضى ببعضهم إلى أن سأله أن يروا ربهم جهرة.
وسأل بعضهم رسولنا عن الدليل على أمره تفجير الأنهار والينابيع، فقالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا)) الآيات، ولو كان الأمر في ذلك على عقول البشر، لقد كانوا يرون أن منعهم الدليل على صدق ما أتت به أنبياؤهم ورسلهم غير نظر لهم، لأن زيادة البيان إلى البيان تسكين.