يتيهان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين، ويقولان: لا يفلح صاحب الكلام أبدًا، وينكران وضع الكتب بالرأي بغير آثار ويأمران بهجران من يفعل ذلك.
وأخرج عن الزجاج النحوي قال: من أفنى عمره في طلب الخلاف لم يصح له مأوى يأويه، ولا محل يكون فيه، فإن أخذ بظاهر الكتاب سلم في الآخر من العتاب، وأخرج عن الهيثم بن كليب أنشدنا القتيبي في صفة أهل الكلام:
ودع من يقول بالكلام ناحية *** فما يقول الكلام ذو ورع
كل فريق فبدوهم حسن *** ثم يصيرون بعد الشنع
أكثر ما فيه أن يقال له *** لم يك في قوله بمتقطع
وأخرج عن الهيثم قال: وأنشدنا القتيبي لعبد الله بن مصعب:
ترى المرء يعجبه أن يقول *** وأسلم للمرء أن لا يقولا
فأمسك عليك فضول الكلام *** فإن لكل كلام فضولا
ولا تصبحن أخا بدعة *** ولا تسمعن له الدهر قيلا
فإن مقالتهم كالظلال *** توشك أفياؤها أن تزولا
وقد أحكم الله آياته *** وكان الرسول عليها دليلا
وأوضح للمسلمين السبيل *** فلا تقفون سواها سبيلا
وأخرج عن جعفر الفرغاني قال سمعت الجنيد بن محمد يقول: أقل ما في الكلام سقوط هيبة الرب من القلب- والقلب إذا عرى من الهيبة بالله عرى من الإيمان.