غيظا وتركته وأنا لا أبصر ما بين يدىّ من شدّة ما نالنى وداخلنى بإعراضه عنّى فكأنّه لاحظ مكانى فقال ما فعل الرجل فقيل من هو فقال صاحب فلان فقيل له وبصاحب فلان فعلت هذا الانقباض «3» لقد خرج وهو لا يبصر ما بين يديه ألما وغيظا فقال علىّ به فلحقنى كاتب له وقد بثّ جماعة غيره فى طلبى فى الطريق الذي قصدت له فقال إنّ الشيخ تألّم من خروجك بغير إذنه وعرّفناه ما ظهر لنا منك وقد أنفذنا لردّك فقلت والله لقد رأيت أكثر ملوك الأرض ومن تحت أيديهم من الناس على اختلاف أطوارهم وتباين أحوالهم وهم قطب الصلف «8» فما رأيت رجلا أكثر زهوا ولا أقبح صلفا وبأوا منه، فقال لى كاتبه وحقّ له ذلك هذا رجل اعتلّ فى سنة ثمانى وأربعين علّة خيف عليه منها فأوصى فبلغ ثلث ماله مع شىء استزاده على الثلث لأنّه لا وارث له فبلغت وصيّته «12» تسع مائة «13» ألف دينار بين مركب قائم بنفسه وآلته فى يد وكيل معلوم ما لديه وعنده بالحسبانات الظاهرة والقبوض المعلومة المعروفة من جهاتها وأوقاتها الى بربهار «14» ومتاع من جوهر وعطر فى خانباراته ومخازنه وقلّ مركب خطف له الى ناحية من نواحى الهند أو الزنج أو الصين فكان له فيه شريك أو كرىّ إلّا على حسب التفضّل على المحمول بغير أجرة ولا عوض فأفحمنى قوله وعدت اليه فاعتذر ممّا كان، وهذا وإن زاد على الثلث فلعلّه أوصى بنصف ماله وما سمعت أنّ أحدا من التجّار ملك هذا المقدار ولا تصرّف فيه ولا من وديعة سلطان لأنّها حكاية إذا اعتبرت كالجزاف يستوحش من حكايتها، (25) وما علمت مدينة فى برّ ولا بحر يجتمع بالمشرق «21» فيها قوم من الفرس مقيمون إلّا وهم فى أعفّهم طريقة وأحسنهم طبقة وفيهم علم وأكثرهم يقول بالوعيد على مذاهب أهل البصرة [83 ظ] والى الاعتزال ميلهم