الشّيْطانُ}، {ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ به نفسُه}، {إنّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بالسوء}. وما نفس الإنسان؟ إنها طبيعته التي طبعه الله عليها.
* * *
وما دام كلانا -والحمد لله- مسلماً، فعلامَ نختلف في حكم من أحكام الإسلام، وهو أن هذه الحياة الدنيا طريق له غاية خلق الله الناس لها: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلا لِيَعْبُدونِ}، وأن مَن يحرص على راحته في سفره ويتخيّر لذلك الزاد والمركب ولا يكون له مقصد من السفر، لا المنفعة ولا المتعة ولا السياحة، فهو أحمق! وأن كل عمل يعمله من لا يؤمن بالله وكل اختراع يخترعه سراب بِقيعة، لا يزيده من الله إلا بعداً، ولا يكون في نظر الإسلام إلا دليلاً على جهله وضلاله وخساره.
أيستطيع مسلم -يا أستاذنا عبد المنعم- أن ينازع في هذا؟ فما النتيجة؟ هي أن الإنسان شرّ الدواب في الدنيا وأخزى المخلوقات يوم القيامة، ما لم يطهّر نفسَه بالإيمان ويُصلح فسادَ نفسه بالاتصال بالله.
وهل أدلُّ على ندرة الحق والخير والجمال في عالم الإنسان من كونه جعلها مُثُلاً عليا، ومطمحاً من المطامح البعيدة، وأملاً من الآمال النائية؟ ولو كانت خلائقَ راسخة فيه وكانت طبيعة ملازمة له ما جعلها كذلك. فلو كان صادقاً ما كان يمدح الصادق بصدقه ويعجب منه أن لازمه وأقام عليه، ولو كان وفيّاً ما كان رابع المستحيلات عنده «الخِلّ الوفيّ»! إنما يطمح المرء إلى ما لا يملك، وإن مئة الدينار من الذهب هي «مَثَل أعلى» للفقير