قال: ما أكثرَ ما له من أسماء!
قلت: وما أكثر ما له من فضائل وحسنات، وكثرة الأسماء دليل على شرف المسمّى.
قال: هذا صحيح.
قلت: أتحب أن أقرأ لك من شعر شوقي؟
قال: أسمع اسماً منكراً.
قلت: نعم، ولكن له شعراً معروفاً. إنه يقول في الأزهر:
قُمْ في فَمِ الدّنيا وحيِّ الأزهرا ... وانثُرْ على سَمعِ الزّمانِ الجَوْهرا
واخشَعْ مليّاً واقضِ حقَّ أئمّةٍ ... طلعوا به زُهْراً وماجوا أَبْحُرا
كانوا أجَلَّ من الملوك جَلالَةً ... وأعزَّ سلطاناً وأفخمَ مظهرا
فاستوى جالساً وقال: لا جرم أنه شعر معروف، هذا هو الشعر. لقد أنطق أعظمَ ناطق وهو الدنيا، وأسمع أجلَّ سامع وهو الزمان، وجعل مدح الأزهر جوهراً، وهذا -لَعَمرُ الحق- أكبر مما صنع امرؤ القيس حين وقف واستوقف وبكى واستبكى. ثم وصف أئمته بخير ما يوصَف به علماء، سُمُوٌّ كالنجم ونورٌ كالنجم وهدي كهدي النجم، وعِلْم كالبحر، وهم بكثرتهم كماء البحر ... ولو شئتُ لكشفت عن خمسين معنى مستتراً وراء قوله: "طلعوا به زُهْراً وماجوا أبحراً" ... زدني من قوله.