مرضه وهو يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر حضرنا بالباب، وسألنا عن الأحوال، فأخبرنا أن العرق أفرط حتى نفذ في الفَرش، ثم في الحُصْرٍ وتأثرت به الأرض، وأن اليبس قد تزايد تزايداً عظيماً، وخارت القوّة واستشعر الأطباء (?).

3 - تحليف الملك الأفضل الناس

3 - تحليف الملك الأفضل الناس: ولما رأى الملك الأفضل ما حلّ بوالده، وتحقّق اليأس منه، وشرع في تحليف الناس، وجلس في دار رضوان المعروفة بسكنه واستحضر القضاة، وعُمل له نسخة يمين مختصرة مُحَصَّلة للمقاصد، تتضمن الحلف للسلطان مدة حياته، وله بعد وفاته، واعتذر للنّاس بأن المرض قد اشتدّ وما نعلم ما يكون، وما تفعل هذا إلا احتياطاً على جاري عادة الملوك (?) وكانت نسخة اليمين المحلوف بها وفضولها: إنني من وقتي هذا قد أصفيتُ نيَّتي، وأخلصت طويَّتي للملك الناصر مدة حياته، وإنني لا أزال باذلا جهدي في الذَّب عن دولته، بنفسي ومالي وسيفي ورجالي، ممتثلاً أمره، واقفاً عند مراضيه ثم من بعده لولده الملك الأفضل عليّ، ووالله إنني في طاعته، وأذب عن دولته وبلاده بنفسي ومالي وسيفي ورجالي، وأمتثل أمره ونهيه، وباطني وظاهري في ذلك سواء والله على ما أقول وكيل (?).

4 - وفاته - رحمه الله

4 - وفاته - رحمه الله: ولما كانت ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وهي الليلة الثانية عشر من مرضه - رحمة الله عليه - اشتّد مرضُه وضعفت قّوته ووقع في أوائل الأمر من أول الليل، وحال بيننا وبينه النساء واستحضرت أنا والقاضي الفاضل في تلك الليلة وابن الزَّكي، ولم يكن عادته الحضور في ذلك الوقت وعرض علينا الملك الأفضل أن نبيت عنده، فلم ير القاضي الفاضل ذلك رأيا، فإن الناس كانوا في كل ليلة ينتظرو نزولنا في القلعة، فخاف أن لا ننزل فيقع الصوت في البلد، وربما نهب الناس بعضهم بعضاً، فرأى المصلحة في نزولنا واستحضار الشيخ أبي جعفر إمام الكلاّسة، وهو رجل صالح يبيت في القعلة حتى إن احتضر - رحمة الله عليه - بالليل حضر عنده وحال بينه وبين النساء وذُكرَّ بالشهادة وذكر الله تعالى، ففعل ونزلنا وكل منا يودّ فداءه بنفسه وبات في تلك الليلة - رحمة الله عليه - على حال المنُتقلين إلى الله تعالى، والشيخ أبو جعفر يقرأ عنده القرآن، ويذكّره بالله تعالى، وكان ذهنه غائباً من ليلة التاسع، ولا يكاد يفيق إلا في الأحيان. وذكر الشيخ أبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015