الأبيض والشارة الصليبية الحمراء، وأصبحوا في زمرة المحاربين وأمتلك كل منهم ثلاثة من الخيل، وغلاماً يتبعه، وصار منهم قادة يحملون الألقاب والرتب العسكرية، ويجيدون حبك سياسة الغدر بالمسلمين، ونقض العهود والمواثيق وكان هدف فرسان هاتين الطائفتين الأول والأسمى طعن الإسلام وانتهاك حرماته بشتى الوسائل مهما كلفهم ذلك من ثمن (?)
كان عدد الاسبتارية والداوية حوالى ثلاثمائة وستين رجلاً والأمر المؤكد: أن دورهم الحربي السابق ضد المسلمين كان دافعاً لقتلهم خاصة أنه عرف عنهم عدم احترامهم للعهود والمواثيق، كما أنه أدرك أنه في حالة إطلاق سراحهم سيعودون إلى قتال المسلمين بصورة أشرس من ذي قبل، كما لا نغفل أن منهم من شارك في حملة أرناط الآثمة على الحجاز، وأمام كافة تلك الاعتبارات وأمام تلك الاعتبارات لم يتردد صلاح الدين في الفتك بأولئك الأسرى من الصليبيين وقد تعرض للهجوم من جانب عدد من المؤرخين الغربيين المحدثين الذين نسوا أو تناسوا ما فعله الصليبيون من مذابح فتكوا فيها بالآلآف المؤلفة من المسلمين، وليس هذا بجديد على العقلية الغربية التي نجدها أحياناً تكيل بمكيالين وتبيح لنفسها ما تحرمه على غيرها، ولا نغفل أن ذلك الأسلوب من صلاح الدين جاء استثناء لسياسة متسامحة بصفة عامة تجاه أعدائه (?)، وأما بقية الأسرى، فقد أمر صلاح الدين بأن يساقوا إلى دمشق حيث أحتيط على الإمراء، وبيع عامة الفرسان والجند الصليبيين في الأسواق بأثمان (?) زهيدة، ودخل القاضي ابن أبي عصرون دمشق وصليب الصلبوت منكس بين يديه، وعاد السلطان إلى طبربة (?). أما ريموند الثالث أمير طرابلس، فإنه لما نجا من المعركة - كما سبق أن ذكرنا - وصل إلى صور ثم قصد طرابلس ولم يلبث إلا أياماً قليلة، حيث مات بها غيظاً وحنقاً مما جرى على الصليبيين خاصة وعلى دين النصرانية عامة (?).
1 - الإعداد وسنة الأخذ بالأسباب: لقد استطاع صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أن يوحد الأمة ويجمعها على كتاب الله وسنة