الزمان عن أوطانهم وأهليهم فيضطر إلى تركها وتفتك من أسر منا (?).

وهنا يبدو أن سياسة صلاح الدين في إيقاع الخلاف في صفوف الصليبيين قد أتت أكلها، حيث لقي رأي ريموند هذا معارضة شديدة من كل من أرناط صاحب الكرك، وجيرار مقدم الداوية اللذين اتهماه بالخيانة والإنحياز إلى المسلمين، حيث رد عليه إرناط قائلاً: قد أطلت في التخويف من المسلمين، ولا شك أنك تريدهم وتميل إليهم. واستطاع أرناط وجيرار التأثير على الملك جاي الذي أصدر أوامر إلى الجند بالمسير إلى طبرية وبدأ الجيش الصليبي زحفه من صفورية يتقدمه ريموند في ظروف سيئة للغاية، فروح الصليبيين المعنوية منحطة، وجزء كبير منهم لم يكن من أنصار التقدم نحو طبرية، فساروا مكرهين (?). هذا بالإضافة إلى ما تعرض له ذلك الجيش الصليبي في طريقه من متاعب وخسائر بسبب الكمائن التي نصبها صلاح الدين لهم أثناء سيرهم، فضلاً عن حرارة الجو، ووعورة الطريق وانعدام الماء. وإزاء هذه الظروف القاسية حل بالجيش الصليبي أثناء سيره من صفورية إلى طبرية، انفصال كبير، حيث لم تستطع مؤخرته مجاراة سير بقية الجيش والاتصال بالملك في الوسط، الأمر الذي اضطر الملك جاي إلى إقامة معسكره، قبل الوصول إلى طبرية، على الرغم من تلك المحاولة التي قام بها ريموند أمير طرابلس الذي كان في المقدمة، لحث الصليبيين على التقدم للوصول إلى المياه. مما أدى إلى تذمر ريموند من ذلك التصرف، وإدراكه بأن الهزيمة حاصلة لا محالة (?).

والواقع أن هذه الأوامر اتصفت بالتهور، ودلَّت على انعدام التفكير العسكري السليم لدى القادة الصليبيين الذين غلبت عليهم العاطفة الدينينة المتزمتة، لأنها أوقعت الملك، والمملكة، والجيش الصليبي في فخ صلاح الدين، الذي علقَّ، عندما علم بتحركهم بقوله: قد حصل المطلوب، وكمل المخطوب، وجاءنا ما نريد، ولنا بحمد الله الجد الجديد، والحد الحديد، والبأس الشديد، والنصر العتيد، وإذا صَّحت كسرتهم، وقُتلت وأسرت أسرتهم فطبرية وجميع الساحل ما دونها مانع ولا عن فتحها وازع (?) ورتب صلاح الدين رجاله في تلك الليلة، وسار هو على رأس جيشه لملاقاة الصليبيين على سطح جبل طبرية المشرف على سهل حطين وهي منطقة على هيئة هضبة ترتفع عن سطح البحر أكثر من ثلثمائة متر، ولها قمتان مما جعل العرب يطلقون عليه اسم قرون حطين، وبوصول الصليبيين إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015