اكتملت عدة ذلك الجيش بعد أن تم توزيع الأموال التي بعثها ملك انجلترا هنري إلى الملك جاي، والتي أمر بإنفاقها على الرجال وأما بالنسبة لتقدير عدد الجيش الصليبي الذي ظل معسكراً في صفورية بعد هزيمته من تلك السرية الإسلامية فإن المؤرخين المعاصرين ذكروا أن عدده بلغ زهاء خمسين ألفا أو يزيدون (?)، وبعضهم رجح أنه يبلغ عشرين ألفاً (?).
ب- اختيار صلاح الدين لخطة المعركة الفاصلة: لما علم صلاح الدين باجتماع الصليبيين في صفورية عقب هزيمتهم من السرية الإسلامية في هذا المكان، استشار قواده فيما يفعل، فأشار أكثرهم بترك اللقاء، واتباع الطريقة السابقة من إغارات متكررة، وتكبيد العدو خسائر حتى تضعف مقاومته ثم انزال الضربة القاضية بالصليبيين وأشار الفريق الآخر بالتوغل في بلاد الصليبيين والاشتباك معهم في معركة فاصلة (?).
وهنا تبدو لنا حنكة صلاح الدين العسكرية، إذ اختار الخطة الثانية القائمة على الاشتباك مع العدو في معركة فاصلة، إذ يظهر أن صلاح الدين أدرك أن معظم القوات التي تجمعت عنده في ذلك الوقت جاءت من أماكن بعيدة من مصر ودمشق وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر وغيرها، وأن هذه العساكر القائمة على نظام الاقطاع الحربي - كما سبق أن رأينا - لها التزامات في اقطاعاتها - الأمر الذي قد يدفعها بعض الأحيان إلى طلب الاستئذان منه والعودة لقضاء حوائجها (?) هذا بالإضافة إلى أن صلاح الدين ربما قصد باتباع تلك الخطة استغلال ذلك الانشقاق الذي حدث في صفوف الصليبيين، نتيجة وفاة الملك بلدوين الخامس، وتتويج الملك جاي لوزجنان والذي عده أحد الباحثين، سبباً حرمت من أجله مملكة بيت المقدس من معونة أقوى إمارتين صليبيتين بالشام هما إمارة طرابلس، وإمارة إنطاكية (?). وهكذا أصبح الموقف بين صلاح الدين والصليبيين على أشده، وبات الطرفان كل منهما يتوق إلى الاشتباك مع الصليبيين في معركة فاصلة، كان يدرك أن تمركزهم في صفورية يعطيهم مكانة عظيمة في القتال، وذلك أن صفورية تعتبر في أحسن المواقع الملائمة لإقامة المعسكرات وذلك لما يتوافر بها من المراعي والمياه وغيرها من الموارد الطبيعية اللازمة لذلك (?)، لهذا عمد إلى استدراج الصليبيين إلى المكان المناسب الذي يستطيع فيه إنزال