سامراء، تتحكم في أغلب الطرق الرئيسية المارة بين العراق وبلاد الشام، وكان أغلب سكانها من الأكراد، وقد انتقل إليها شادي مع ابنيه نجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه، وتدرج في المناصب الإدارية فيها حتى ولي وظيفة الشحنة، ولما توفي خلفه ابنه نجم الدين أيوب (?)،
ومن العجب أن بعض المؤرخين يتمحلون في بحثهم لينسبوا أسرة صلاح الدين في سلسلة من الآباء تنتهي عند مُضَر الذي ينتمي إلى عدنان، وكأنهم يريدون من وراء هذا البحث الذي لا يتفق مع منهج البحث العلمي ولا مع الحقيقة المجردة، أن يلحقوا كل شخصية فذة ليست عربية بسلسلة من النسب العربي، وكأن الفضائل كلها، والمكارم جميعها مقصورة على العرب وخاصة بهم، وكأن المسلم غير العربي - في نظرهم القاصر - لا يمكن بحال أن يبني مجداً، أو يشيد حضارة، أو يخلد ذكراً (?)، أو ينصر دينه بالسنان واللسان، ونحن لو استقرأنا التاريخ، وبحثنا عن عظمائنا في بناء الحضارة الإسلامية، لوجدناً أن القوميات المتعددة التي دخلت في دين الإسلام ساهمت في الحضارة الإسلامية، فهذا محمد الفاتح ونور الدين وعماد الدين من الترك وذلك نظام الملك من الفرس، وهذه الأسرة الأيوبية من الكرد، وذاك يوسف بن تاشفين من البرر وقد أكرم الله العرب بنشر الرسالة الإسلامية، وقد أعز الله من أخلص لدينه، فنحن ضد التعصب الأعمى، والعنصرية الممقوتة، فمبدأ الإسلام (إنما المؤمنون إخوة) (الحجرات، آية:10) ومنهجه ثابت لا يتحول (?) (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات آية: 13).
وقد قام نجم الدين بخدمة السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه " فرأى منه أمانة وعقلاً وسداداً وشهامة، فولاه قلعة تكريت، فقام في ولايتها أحسن قيام، وضبطها أكرم ضبط، وأجلى عن أرضها المفسدين وقطاع الطرق الطرق حتى عمرت أرضها وحسن حالها (?). وكذلك يذكر أبو شامة بأن أسد الدين شيركوه كان من الأمراء المقدمين عند السلاجقة الذين اقطعوه اقطاعاً كبيراً في تكريت وما حولها حتى إن إقطاعه كانت تقدر قيمته بحوالي تسعمائة دينار سنوياً (?)، وهو مبلغ كبير بمقياس ذلك العصر (?).