ثانيا: ولادة صلاح الدين

ثانياً: ولادة صلاح الدين: ولد صلاح الدين الأيوبي عام 532هـ/1137م في قلعة تكريت بلدة قديمة أقرب إلى بغداد منها إلى الموصل، وقد قامت في طرفها الأعلى قلعة حصينة راكبة على دجلة، بناها ملوك الفرس منذ القدم على حجر عظيم، وجعلوها مخازن للذخيرة، ومرصداً لمراقبة العدو، ثم افتتحها المسلمون في السنة السادسة عشرة من الهجرة أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (?)، ومن عجائب القدر أن ولادة صلاح الدين كانت في اليوم الذي أمر فيه "مجاهد الدين بهروز" وإلى بغداد نجم الدين أيوب وأخاه شيركوه بمغادرة مدينة تكريت لقتل شيركوه عم صلاح الدين أحد قواد القلعة، وذلك من أجل امرأة آذاها القائد في شرفها، فانتقم "شيركوه" للشرف والمروءة حين استغاثت به فقتله ولكن بهروز وقع في حيرة من نفسه هل يبقيهما عنده؟ أم يأمر بمغادرتهما فإن أبقاهما يخشى عليهما من انتقام القواد أن يصيبهما الأذى، فلم يجد بُدّاً سوى أن يأمرهما بالمغادرة، فجاء بهما مظهراً الخوف عليهما، وطلب إليهما أن يخرجا في ليلتهما من تكريت، فخرج الرجلان يقصدان (الموصل) وقد حملا أسرتيهما، وفي رحل نجم الدين يوسف ابنه الطفل المولود صلاح ويذكر صاحب وفيات الأعيان " أن أيوب قد تشاءم بمولوده الجديد صلاح الدين، وقد هّم أيوب بقتل ولده عندما كان يصيح وهو طفل وهم خارجون من المدينة، ولكن أحد أتباعه حذره من هذه العمل قائلاً: يا مولاي، قد رأيت ما حدث عندك من الطيرة والتشاؤم بهذا الصبي، وأي شيء له من الذنب؟ وبم استحق ذلك منك وهو لا ينفع ولا يضر، ولا يغني شيئاً، وهذا الذي جرى عليك قضاء من الله سبحانه وقدر، ثم ما يدريك أهذا الطفل يكون ملكاً عظيم الصيت، جليل المقدار، ولعل الله جاعل له شأناً، فاستبقه فهو طفل، ليس له ذنب ولا يعرف ما أنت فيه من الكدر والغّم (?).

ولقد أثرت هذه الكلمات في نفس أيوب، وسرعان ما رجع إلى الحق، وثاب إلى الرشد، واتبع طريق الإسلام الصحيح (?).

ثالثا: نشأة صلاح الدين

ثالثاً: نشأة صلاح الدين: هاجر الأخوان نجم الدين أيوب وشيركوه من بغداد إلى الموصل، حيث نزلا عند (عماد الدين زنكي) الذي رحب بالأخوين ترحيباً عظيماً، وأجرى عليهما المنح والعطايا وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015