المنَاسَبَة: لما شنَّع على المشركين في عبادتهم لغير الله، ذكر في هذه الآيات الأسباب الموجبة للمحنة والابتلاء وهي الكفر، وانتشار المعاصي، وكثر الفجور والموبقات، التي بسببها نقل الخيرات وترتفع البركات، وضرب الأمثال بهلاك الأمم السابقة، تنبيهاً لقريش وأمراً لهم بالاعتبار بمن سبقهم من المشركين المكذبين كيف أهلكهم الله بسبب طغيانهم وإِجرامهم.
اللغَة: {يَصَّدَّعُونَ} يتفرقون يقال: تصدَّع القوم إِذا تفرقوا ومنه الصداع لأنه يُفرِّق شعب الرأس {يَمْهَدُونَ} يجعلون لهم مهداً ويوطئون لهم مسكناً، والمهاد: الفراش {كِسَفاً} جمع كسفة وهي القطعة {الودق} المطر {مُبْلِسِينَ} يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم من شدة اليأس {يُؤْفَكُونَ} يصرفون، والإِفك: الكذب {يُسْتَعْتَبُونَ} يقال: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني.
التفسِير: {ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس} أي ظهرت البلايا والنكبات في بر الأرض وبحرها بسبب معاصي الناس وذنوبهم قال البيضاوي: المراد بالفساد الجدب وكثرة الحرق والغرق، ومحق البركات، وكثرةُ المضار بشؤم معاصي الناس أو بكسبهم إِياه وقال ابن كثير: أي بانَ النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ} أي ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بها جميعاً في الآخرة {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي لعلهم يتوبون ويرجعون عمّا هم عليه من المعاصي والآثام {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلُ} أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: سيروا في