من بلنسية إلى طرطوشة مائة ميل وعشرون أميال، مسيرة أربعة أيام.
وهي في سفح جبل، ولها سور حصين، وبها أسواق وعمارات وضياع وفعلة، وإنشاء للمراكب الكبار من خشب جبالها، وبجبالها خشب الصنوبر الذي لا يوجد له نظير في الطول والغلظ، ومنه تتخذ الصوارى والقرى، وهو خشب أحمر صافي البشرية بعيد التغير، لا يفعل فيه السوس ما يفعله في غيره من الخشب، ومنها إلى طر كونة خمسون ميلاً، وبينها وبين البحر الشأمى عشرون ميلاً.
وقصبة طرطوشة على صخرةٍ عظيمةٍ سهلة الأعلى، وفي الشرق من القصبة جبل الكهف وهو جبل أجرد والمصلى؛ والمدينة في غربي القصبة وجوفيها؛ وعلى المدينة سور صخرٍ من بناء بني أمية، على رسم أولى قديم؛ ولها أربعة أبواب، وأبوابها كلها ملبسة بالحديد، ولها أرباض من حومة الجوف والقبلة ودار الصناعة قد أحدق على ذلك كله سور صخرٍ حصين، بناه عبد الرحمن بن النظام، وبها جامع من خمس بلاطات، وله رحبة واسعة، بنى سنة345؛ وبها أربعة حمامات، وسوقها في الربض القبلي جامعة لكل صناعة ومتجر، وهي باب من أبواب البحر، ومرقى من مراقيه، تحلها التجار من كل ناحية، وهي كثيرة شجر البقس، ومنا يفترق إلى النواحي، وخشبها الصنوبر له خاصية في الجودة تفوق جميع خشب الأمصار. وقصبة طرطوشة في المنعة والسمو