ولذلك اختصرت عائشة -رضي الله عنها- هذا كُلَّهُ حين سُئِلَتْ عن خُلُقِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ((كان خلقه القرآن)) (?).
والتربية لا تعني حسنَ الخلق، وبشاشة الوجه فحسب، بل تعني التزام هذا الدين كافة، قلبًا وقالبًا، ظاهرًا وباطنًا، علمًا وعملًا، دعوة وعبادة، بدءًا من فَهْمِ كلمة التوحيد، والعمل بها، وانتهاء بإماطة الأذى عن الطريق.
ولهذا كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإرشاد منه- يواكبون علمهم بالعمل.
فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف ما فيهن، والعمل بهن)) (?).
من غير تفريق، ولا تبعيض، ولا تجزئة، ولا تهوين.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: ((حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن -وهم الصحابة- أنهم كان يستقرئون من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات، لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فَتَعَلَّمْنَا القرآن، والعمل جميعًا)).
وزاد في رواية ابن سعد: ((وإنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شُرْبَ الماء، لا يجاوز تراقيهم، بل لا يجاوز ههنا، ووضع يده على الْحَلْقِ)) (?).