الْمُحَدِّثُونَ: الشذوذَ والنكارةَ.

وهكذا كان شأن الطوائف التي خرجت عن الجماعة الأم، من خوارجَ، ومعتزلة، وغيرهم .. إنما ضَلُّوا لشذوذهم عن الصحابة، ولنكارة ما أحدثوه من فكر، وطرق.

وَكُلَّمَا طال الزمن زاد الانحراف، وازداد الضلال، كَضِلْعَيِ الزاوية تمامًا، كُلَّمَا امتدا [ابْتَعَدَ أَحَدُهُمَا عن الآخر]، كما سبق بيانه.

وكذلك كل طائفة انقرضت وانتهت، أو انقطع نَسْلُهَا، وبارت رجالها، فهي مُعَلَّقَةُ السند، وَمِنْ ثَمَّ فهي جماعة مبتورةُ الأثر، غير ناجية المآل، ولو أعاد سيرتها رجال بعد ذلك؛ لأنها فَقَدَتْ حلقاتٍ في سندها، وبذلك فَقَدَتْ صفة الاستمرارية التي هي شرطٌ في الجماعة الناجية.

والحقيقة: أن هذه الصفة -صفة الاستمرارية- من أبرز صفات الطائفة المنصورة تمييزًا لها عن الطوائف الهالكة، أو الطوائف النابتة.

إذ بسهولة ولأول وَهْلَةٍ يدرك المرء العاقل بهذه الصفةِ الطائفةَ الناجيةَ من غيرها، فهو يدرك أن الطائفة التي تُقِرُّ أنها تأسست منذ كذا وكذا، وأن مؤسسها فلان، هي طائفة حَكَمَتْ على نفسها، وشهدت بلسان مقالها وفعالها، أنها لا تتصف بصفة الاستمرارية التي هي من أهم صفات الطائفة المنصورة ومميزاتها على الطوائف الضالة، ذلك بأن الطائفة الناجية لا مؤسس لها إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015