تواضع بجهلنا حول كل ما يتعلق بمشكلة المصدر الأول للكون.

وعندما تقول لي: إن الله هو علة وجود المادة الأولى التي يتألف منها الكون، وأسألك بدوري: وما علة وجود الله؟ إن أقصى ما تستطيع الإجابة به: " لا أعرف إلا أن وجود الله غير معلول" (?) ، ومن جهة أخرى عندما تسألني: وما علة وجود المادة الأولى فإن أقصى ما أستطيع الإجابة به: " لا أعرف إلا أنها غير معلولة الوجود " في نهاية الأمر اعترف كل منها بجهله حيال المصدر الأول للأشياء. ولكنك اعترفت بذلك بعدي بخطوة واحدة، وأدخلت عناصر غيبية لا لزوم لها لحل المشكلة. والخلاصة، إذا قلنا: عن المادة الأولى قديمة وغير محدثة أو إن الله قديم وغير محدث، نكون قد اعترفنا بأننا لا نعرف ولن نعرف كيف يكون الجواب على مشكلة المصدر الأول للأشياء، فالأفضل إذن أن نعترف بجهلنا صراحة ومباشرة عوضاً عن الاعتراف به بطرق ملتوية وبكلمات وعبارات رنانة. ليس من العيب أن نعترف بجهلنا، لأن الاعتراف الصريح بأننا لا نعرف ما لا نعرفه من أهم مقومات التفكير العلمي، وتعرفون أن العالم ملزم على تعليق الحكم عندما لا تتوافر لديه الأدلة والشواهد والبراهين الكافية لإثبات أو لنفي قضية ما. هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة ".

هذا كلام (د. العظم) حرفياً، وعلينا أن نُحَلِّلَه ونكشف للقارئ ما فيه من مغالطات فكرية.

سأترك كبيرته الأولى التي أطلق فيها على الله الخالق العظيم سبحانه عبارة الاحتضار، وسبقها في كلامه إطلاق عبارة الموت اقتداء بالفيلسوف الملحد (نيتشه) لأن مثل هذه العبارات التي ليس فيها إلا تطاول وحماقة وسخرية لا تدخل في أي مجال أو في أي مستوى من مستويات النقاش العلمي أو البحث المنطقي، ولا جواب لها في الحقيقة إلا صاعقة ربانية، أو أيَّةُ قاتلة من قواتل السماء تعطيه الرد العلمي على تطاوله، ولكن الله تبارك وتعالى حليم، يمهل كثيراً، حتى إذا أخذ بالعذاب أخذ أخذاً كبيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015