لأنه جاء على غير هوى سادته، ولأنه كشف زيفاً كثيراً كان يصدّره هو وكل الذين يلبسون أقنعة التقدمية.
وأكتفي عند هذه النقطة بهذا القدر لأنه ليس من خطتنا في الدفاع عن الدين وحقائقه أن ندخل معارك سياسية ذات طابع زمني، وذلك لأن الدين دين الله، وهو تعاليم ومفاهيم وحقائق فكرية، ومتى هبطنا بها إلى مستوى الصراع السياسي فإننا تورَّط الدين توريطاً سيئاً، إذ نجسده في واقع بشري، مع أن الواقع البشري غير المعصوم قد يخالف الدين في كثير من التصرفات الإنسانية، والدين لا يحمل جريرتها، وإنما يحمل جريرتها المخالفون للدين أنفسهم، وإن كانوا من أهل الإيمان به والمطبقين لبعض تعاليمه، ومن الذين يرفعون لواءه، ويحرصون على نصرته.
إن أي تجسيد للدين في واقع بشري غير معصوم عن الخطأ أو المخالفة يعتبر تشويهاً للدين، وتحويراً في مفاهيمه وتعاليمه، وهذه ليست خطة رشد في الدفاع عن الدين.
إن الصراع من أجل الواقع البشري عمل سياسي قد يتصل بالمبدأ إلا أن له مجالاً آخر.
وبالتضليل المقصود لمحاربة الإسلام بوصفه ديناً ربانياً؛ يحاول أعداء الإسلام من ملحدين وغيرهم التقاط صور معينة عن الواقع البشري للمنتسبين إلى الدين، ولو كانوا من أئمة المسلمين ومرشديهم، ثم يأخذون هذه الصور البشرية المعينة، ويجعلونها من الدين عقيدة ومفاهيم وأنظمة وغير ذلك، مع أنها في الواقع ليست إلا انحرافات بشرية عن عقائد الدين أو مفاهيمه أو أنظمته، وليس الدين هو المسؤول عنها، ولكن أصحابها هم المسؤولون.
وهذا التضليل من أعداء الإسلام مغالطة خبيثة ماكرة، يقصدون منها تشويه الصورة الإسلامية من جهة، واستدراج مغفلين من أنصار الدين ليتورطوا في الدفاع عن الواقع البشري، فيستغله أعداء الإسلام استغلالاً سيئاً.