هذه الهياكل التي اصطنعوها لمخالفيهم، وعندئذ يسهل عليهم تحطيمها بسرعة، لأنهم هم الذين اصطنعوا بأنفسهم، ووضعوا فيها نقاط الضعف التي يسهل عليهم تهديمها من قبلها.

وقد يحاربون الدين كله من خلال رأي ضعيف قاله بعض الناس المنتسبين إلى الدين.

أو يحاربون الأديان كلها صحيحها وباطلها، من خلال ما في بعضها من تحريف عن الأصل الرباني، أو من خلال الأديان الباطلة التي تحمل اسم دين، وهي في الحقيقة أوضاع إنسانية مخترعة، وليست ديناً إلهياً.

وهذه الطريقة قد استخدمها الناقد (د. العظم) أقبح استخدام فيما زعم أنه نقدٌ للفكر الديني، قال في الصفحة (21) من كتابه "نقد الفكر الديني":

"يجب ألا يغيب عن بالنا أنه مرت على أوروبا فترة تتجاوز القرنين ونصف القرن قبل أن يتمكن العلم من الانتصار انتصاراً حاسماً في حربه الطويلة ضد العقلية الدينية التي كانت سائدة في تلك القارة، وقبل أن يثبت نفسه تثبيتاً نهائياً في تراثها الحضاري. ولا يزال العلم يحارب معركة مماثلة في معظم البلدان النامية، بما فيها الوطن العربي، علماً بأنها معركة تدور رحاها في الخفاء ولا تظهر معالمها للجميع إلا بين الفينة والأخرى ".

فهو في هذا يحشر الأديان كلها صحيحها وباطلها ويعتبرها جبهة واحدة ضد العلم، ثم يوجه طعناته ضد ما في بعضها من باطل، ثم يستنتج من ذلك أنها جميعاً أديان باطلة، باعتبارها جبهة دينية واحدة، وقد وجد بعضها باطلاً، أو وجد في بعضها ما هو باطل.

فهل يقبل مثل هذه الحجة الساقطة من لديه أبسط قواعد الاحتجاج المنطقي، التي تعرفها الأوليات الفكرية؟ إنها حجة مرفوضة بداهة شكلاً ومضموناً، وحينما يعتبرها الملحد طريقة منطقية كافية للاحتجاج فإننا نستطيع أن نستخدمها سلاحاً ضد اتجاهه الذي يزعم أنه اتجاه علماني، فنقول له: إن أصحاب الاتجاه العلماني جبهة واحدة، ومن المعروف أن لهم مذاهب شتى متناقضة في معظم القضايا التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015