أم الملحدون فليس لهم أدلة يمكن أن يعتمدوا عليها في نفس وجود الخالق جل وعلا، إلا مجرد الارتباط بالمادة المدرَكَة بالحواس الإنسانية، أو بالأجهزة التي توصل إليها الإنسان في القرن العشرين، وهذا لا يستطيع أن يقدم أي دليل على النفي.
(2)
نحن نعلم أنه لا خوف على الحقائق الدينية الإسلامية من جدليات الملحدين، لأنهم يجادلون بالباطل ليُدحضوا به الحق، ولكن قد تؤثر جدلياتهم المشحونة بالتزييف على الناشئين المطبوعين بطابع الثقافات الحديثة، الموجهة شطر مبادئ ومذاهب معينة، وضعت خصيصاً لمحاربة الدين وهدم مبادئه الحقة.
وليس جدالهم بالباطل بدعاً في تاريخ المبطلين، بل هي طريقة كل أهل الباطل، ومن إبليس قائدهم إلى آخر جندي من جنوده، وأصغر تابع من أتباعه، كل منهم سائر على سُبُله ومتبع لخطواته.
وقد وصف الله الكافرين عموماً بأنهم يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، فقال تبارك وتعالى في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول) :
{..وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُو?اْ آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً} .
وهي طريقة لا سبيل لهم سواها، ليؤيدوا أفكارهم ومذاهبهم، وينصروا باطلهم، ويُدحضوا الحق، ما داموا قد التزموا في أفكارهم ومذاهبهم جانب الباطل، وأصروا بعناد على رفض جانب الحق.
ولما انغمسوا بكفرهم في رذيلة خلقية خطيرة هي رذيلة جحود الحق، كان لا غرو أن تجرهم هذه الرذيلة إلى رذائل خلقية أخرى، منها أن يجادلوا بالباطل، ويستخدموا كل ذكائهم في تزييف الحق، ويقوم تزييفهم على اصطناع هياكل وهمية لمذاهبهم، وهياكل وهمية لمذاهب خصومهم، ثم يحملون حملاته الهجومية على