(2)
من المعلوم أن الإسلام الذي قدم للإنسانية ما قدمه من مجد حضاري أمثل يوم كانت الأمة الإسلامية في طور شبابها وقوتها صالح باستمرار لأن يأخذ بيد الإنسانية في طريق المجد الحضاري الصاعد، دون تقهقر ولا توقف، لو ظل المسلمون يجددون شبابهم، بالتماس منابع الإسلام الثرَّة، منها يعبون، ومنها ما به يتطهرون.
ففي الإسلام الصافي جميع العناصر اللازمة التي تستطيع الإنسانية بها أن تحافظ على شباب دائم، متدفق بالحياة والعمل البناء والارتقاء، لو أحسنت تدبُّره والاستمساك به والعمل بتعاليمه.
وفي الإسلام الصافي جميع العناصر اللازمة لإسعاد الناس كل الناس، أفراداً وأسراً وجماعات ودولاً، مهما اختلفت بينهم الأعراق والألوان والأجناس، ذلك لأنه دين الإنسانية جميعاً، المنزل وفق خصائصها وصفاتها المشتركة بين جميع شعوبها وقبائلها، وليس ديناً قومياً ولا إقليمياً ولا طبقياً.
بخلاف الشيوعية التي هي مذهب طبقي عنوانه "يا عمال العالم اتحدوا" وبخلاف الرأسمالية التي هي مذهب طبقي أيضاً يخدم مصالح طبقة معينة، وبخلاف اليهودية بحسب مفاهيم اليهودية المحرفة، فهي دين قومي خاص بشعب بني إسرائيل، الذي هو في عقيدتهم شعب الله المختار.
أما الإسلام فهو دين رب الناس اللطيف الخبير للناس أجمعين {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ، ومن أجل ذلك كانت تعاليم هذا الدين مصلحة ومسعدة للناس كل الناس.
ولست في مجال بيان تفصيلي يوضح هذه الحقيقة عن الإسلام، لأدلل على أن تعاليم الإسلام الصافية من الشوائب الدخيلة كفيلة بتحقيق مجد الإنسان في هذه الحياة، وكفيلة ببناء أفضل المؤسسات الاجتماعية، وبتنظيم أرقى دولة مدنية آخذة بأوفى نصيب خيرٌ من التقدم الحضاري المتطور، البعيد عن الشر ومعصية الله.