(1)
تحت عنوان "نقد الفكر الديني" تستر الناقد العظم، إذ حاول تقويض أسس الإسلام الكبرى، وقواعده العظمى، التي هي حق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وربما استغل ما لدى بعض المسلمين من مفاهيم خاطئة عن الإسلام، ليطعن الإسلام بذلك، على طريقة إبطال الطب كله لأخطاء بعض الأطباء، وإبطال الهندسة كلها لأخطاء بعض المهندسين، وإبطال ضرورة القضاء لفساد بعض القضاة، وتعميم الأحكام التي هي لبعض الأفراد، وإطلاقها على كل الأفراد، ثم إطلاقها على المبادئ الحقة التي يدعي هؤلاء الأفراد انتسابهم إلهيا، ولو كانوا مخالفين لها في مفاهيمهم أو في سلوكهم، وعلى هذا الجنوح الفكري الخطير، الخارج عن حدود كل منطق عقلي أو علمي سليم، سار العظم في جدلياته ومغالطاته.
ولكي لا يزعم القارئ أنني من الذين يبررون كل خطأ، ما دام يعلن انتسابه إلى الدين زوراً وبهتاناً، أو جهلاً وغفلة، أو خطأ غير مقصود، عقدت هذا الفصل، لأنقد فيه نقداً ذاتياً ما دخل على مفاهيم كثير من المسلمين عن الإسلام، وكوّن لديهم تصوُّراً مشوهاً غير صحيح للإسلام الحق، أو تطبيقاً مشوهاً له ينم عن فساد في التصور، أو انحراف في السلوك.
ووجدت من الواجب علي أن أعقد هذا الفصل قبل أن أدخل مع العظم في المعركة الجدالية، حول النقاط التفصيلية التي أثارها، لألقي فيه الضوء على أن الإسلام الحق الذي هو دين الله للناس، يتميز كل التميز عن المنتسبين إليه، الذين لا يمثلون في مفاهيمهم أو سلوكهم صورة صحيحة عنه، وأرجو بهذا التمييز أن لا تدخل على الأجيال الإسلامية مغالطات وافتراءات أعداء الإسلام، وأعداء المسلمين وتاريخهم المجيد.