مستلزمات هذا النقيض، ولذلك كان الإيمان بالله يقتضي الكفر بالطاغوت اقتضاءً حتمياً. وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
فلا يتم إيمان المؤمن حتى يكفر بكل الطواغيت ويؤمن بالله، ولذلك اشتملت عبارة التوحيد على السلب والإيجاب (لا إله إلا الله) ، فهي تشتمل على الكفر بكل إله سوى الله وعلى الإيمان بالله وحده لا شريك له.
أما غير المؤمنين بالعقيدة الإسلامية إيماناً صحيحاً فقد عكسوا القضية، فآمنوا بالباطل وكفروا بالحق، سواء أكان ذلك بصفة كلية لجميع أركان العقيدة الإسلامية، أو بصفة جزئية، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول) :
{أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}
ويقول الله تعالى في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول) :
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} .
وحين تطلق كلمة الكفر ومشتقاتها في الاصطلاح الديني فالمراد منها الكفر بما يجب الإيمان به، أو يجب الإذعان والخضوع له، إلا أن توجد قرينة تصرف إلى معانٍ أخرى تتصل بالمعنى اللغوي ككفر النعمة، وكفر العشير، ونحو ذلك.
فمن أنكر الإسلام ولم يقبل ما جاء فيه من حق فهو كافر، ومن أنكر أي شيء ثابت في الإسلام بصفة قطعية فهو كافر، لأنه جاحد دين الله مكذِّب لرسوله فيما جاء عن ربه.