فجحود بعض اليقينيات الدينية يكفي للحكم بالكفر، ولا يتوقف الحكم بالكفر على إنكار الدين كله، لأن العقيدة الإسلامية متماسكة الأركان، متماسكة العناصر تماسكاً كاملاً من جميع الأطراف، وهي كلٌّ لا يقبل التجزئة، فمن أنكر بعضها مما هو ثابت بيقين فهو بها كافر، ومن كذَّب الرسول بشيء قد ثبت عنه يقيناً فقد كفر بنبوته، ومن كفر بنبوة الرسول فقد كذب شهادة من أرسله، وهكذا تتسلسل نواقض عناصر الإيمان، حتى تصل إلى الجذر الأساسي فتنقضه وهذا هو الكفر الأكبر.

والكفر دركات بعضه أشد من بعض، وبعضه أقبح من بعض، والإلحاد القائم على إنكار الخالق إنكاراً كلياً أشد وأقبح أنواع الكفر.

* أصناف الكافرين:

إذا أحصينا أحوال الكافرين وجدناهم أصنافاً لا صنفاً واحداً.

الصنف الأول: الضالون فكرياً، وهم الذين ضلوا سبيل المعرفة الإيمانية الحقة، وأعماهم التعصب عن رؤية الحق وإن بُيِّن لهم، فهم لا يستجيبون لداعي الحق مهما لفت أنظارهم إليه، لأنهم غير مستعدين نفسياً لتغيير عقائدهم الضالة، ويظلون يؤمنون بالباطل ويزعمونه حقاً.

فهؤلاء هم الكافرون الضالون، وهم على مستويات بعضها أخس من بعض.

الصنف الثاني: المنحرفون نفسياً والجانحون جنوحاً أخلاقياً، وهم الذين يعرفون الحق، ولكنهم يصرون على مخالفته بدافع من الكبر أو الهوى أو التعصب أو بدافع من ضغط البيئة الاجتماعية وخوف انتقادها ولومها أو ضغط القادة المضلين أو خوف فوات منافع جارية ومصالح قائمة، أو نحو ذلك فهم من أجل ذلك يصرون على الكفر أو يسيرون في ركب الكافرين.

وهؤلاء هم الكافرون المغضوب عليهم، وهم شر مكاناً وأقبح كفراً، لأنهم يعرفون وينحرفون فلا يعترفون، وهم على مستويات بعضها أخس وأقبح من بعض.

الصنف الثالث: منافقون من فئة الضالين فكرياً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015