اقتباساً من المفاهيم الدينية، ودلالات النصوص القرآنية كتبت هذا الفصل عن الكفر والكافرين لأكشف به حقيقة الكفر، وواقع حال الكافرين، وأسباب كفرهم ودواعيه، ومناخ نمائه ونشاطه، وموقف المؤمنين منهم، وموقفهم من المؤمنين، وجدلياتهم، وأنواع عقوباتهم العاجلة والآجلة التي حذرهم الله منها إذا استمروا على كفرهم.
(1)
ما هو الكفر؟
أصل معنى الكفر في اللغة التغطية الكاملة والستر التام، يقال للابس السلاح الذي غطاه السلاح تغطية كاملة: كافر، لأنه ستر جسمه به ستراً كاملاً، ويقال للزارع: كافر، لأنه يدفن الحب في الأرض فيغطيه بالتراب تغطيه كاملة، ومنه قول الله تعالى في سورة (الحديد/57 مصحف/94 نزول) :
{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ..} .
ويقال لليل المظلم: كافر، لأنه يستر بظلمته كل شيء، ويقال: كفر الليل الشيء وكفر عليه إذا غطَّاه، ويقال للبحر: كافر، لأنه يستر ما فيه، وهكذا تدور الكلمة في اللغة حول الستر والتغطية.
واستعملت هذه الكلمة في الاصطلاح الديني للدلالة على ما يقابل الإيمان، والداعي إلى تسمية إنكار الحق الديني كفراً، أنه قائم على ستر أدلة الإيمان العقلية والفطرية الوجدانية.
فالإيمان هو التصديق، والكفر عدم التصديق، وكل إيمان بشيء يستلزم كفراً بنقيضه، لذلك فكل مؤمن بالعقيدة الإسلامية الصحيحة كافر بنقيضها وبكل