هكذا حوَّر النص تحويراً شائناً , وحرَّف معناه تحريفاً مناقضاً تماماً لأصل معناه، وبيان ذلك فيما يلي:

أولاً: إن الله تعالى لا يأمر المترفين بأن يفسقوا، ولكنه يأمرهم بأن يؤمنوا ويعملوا صالحاً، فيفسقون ويخالفون أمر الطاعة، فمن صفات أمر الله ونهيه أنه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.

فمن أين أدخل "الناقد" المحرِّف أن الله يأمر المترفين أن يفسقوا والله قال: {أمرنا مترفيها} ثم قال: {ففسقوا فيها} ، ومعلوم بداهةً مثل هذا الكلام يفيد أنهم عصوا الأمر ففسقوا، لذلك استحقوا العقاب على عصيانهم.

وإذا أردنا أن نقدر في النص محذوفاً فأي قارئ عربي يستطيع بداهةً أن يعرف أن المأمور به المحذوف هو ما أمر الله به في شرائعه من الإيمان وعمل الصالحات.

وليس ما حرَّفه سيادة "الناقد" من تقدير (أن يفسقوا) بدل (أن يؤمنوا ويعملوا الصالحات) .

ثم إن ترتيب الجزاء إنما يكون على عصيان الأمر كما هو معلوم بالبديهة، لا على طاعة الأمر.

فلا يستهن بالقارئ العربي هذه الاستهانة، وليعلم أن ما يتلاعب به مكشوف للجميع!

ثانياً: جاءت هذه الآية تعقيباً على قوله تعالى:

{ ... وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} .

أي: لا يهلك الله القرى الظالمة التي استحقت الإهلاك بجرائهما حتى يبعث الله إليها رسولاً، فيأمرهم هذا الرسول بالطاعة، فيعصي مترفوهم والملأ منهم. ويتبعهم حكماً وتقليداً من دونهم، فيحق عليهم قانون الجزاء، فيهلكهم الله تبارك وتعالى جزاء وفاقاً.

وهكذا ظهر لنا بوضوح تلاعب "سيادة الناقد" بمعاني النصوص الدينية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015