هل نعتمد وسيلة الإدراك الحسي؟

أو وسيلة الاستدلال العقلي؟

أو وسيلة الخبر الصادق؟

أو ماذا نصنع ... ؟

ونجيب على هذا السؤال بما يلي:

حينما يكون دليل وسيلة من هذه الوسائل هو الدليل الأقوى في الموضوع فإنه ينبغي اعتماده وترجيحه، فإذا كان دليل الحس قائماً على مشاهدة صحيحة يقينية خالية من احتمال الخطأ، مؤكدة بتوافق الحواس في إدراكها، كان دليل الحس هو الذي ينبغي اعتماده، ومن ثم يعاد النظر في الاستدلال العقلي إذا كان الخلاف معه أو يعاد النظر في دليل الخبر الصادق إذا كان الخلاف معه، وإعادة النظر في دليل الخبر الصادق قد لا تحتاج أكثر من تصحيح فهم النص، والنظر في تأويله بما يتفق مع النتائج اليقينية التي قدمها دليل الحس، وذلك لأن الغاية من استخدام وسائل المعرفة إنما هو الوصول إلى معرفة مطابقة للواقع، وليس من الممكن أن يتناقض الواقع مع نفسه، وحينما يظهر خلاف أو تناقض في النتائج التي قدمتها الوسائل فلا بد أن خطأ قد دخل حتماً في بعضها أو في كلها، وعندئذ لا مناص من مراجعة الأدلة والتمحيص فيها، وإعادة النظر وزيادة التحري عن الحقيقة لاكتشاف مواقع الخطأ والخلل. وتظل المراجعة مفتوحة حتى يتم اكتشاف المخطئ منها، ثم ما يثبت منها الواقع والحقيقة بصفة يقينية يكون هو الجدير بالاعتماد، ثم يعاد النظر في غيره حتى نصححه وننتهي إلى التوافق التام في النتائج، فمن المستحيل في منطق الوجود أن تتناقض الأدلة اليقينية في معطياتها العلمية، وحينما نجد التناقض في هذه المعطيات فلا بد من وجود خلل أو خطأ في بعض الأدلة أو في كلها.

وتخضع النصوص الدينية لحكم هذا المنهج العلمي، لأن الحقيقة الواقعة في الوجود هي من خلق الله تعالى، والله محيط بكل شيء علماً، وحينما يخبرنا عن شيء منها فلا بد أن يكون خبره مطابقاً لما هي عليه في الواقع، لأنه يستحيل الجهل أو الكذب عليه سبحانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015