لقدرته وإرادته، وليعلمني بأن أخباره التي يبلغها أنبياؤه ورسله أخبار صادقة، لا يمكن أن تكون أخباره عن الغيوب التي لا أستطيع الوصول إليها بنفسي أخباراً مخالفة لحقيقة الغيب وواقعه.
لكل ذلك فإنه يجب التسليم بها تسليماً قاطعاً لا يداخله ريب.
(4)
منهج الإسلام في المعرفة
الأساس الأول للمعرفة في الفكر الإسلامي يقوم على أن المعرفة الصحيحة هي ما كان مطابقاً للواقع والحقيقة، فما كان مطابقاً لذلك فهو حق، وما لم يكن مطابقاً له فهو باطل، وقد تكون الصورة الذهنية أو القولية مطابقة للواقع والحقيقة من بعض الوجوه، ومخالفة من بعض الوجوه، فيكون فيها من الحق على مقدار المطابقة، ومن الباطل على مقدار المخالفة.
والقاعدة الكلية التي تأتي وراء هذا الأساس هي: أن كل وسيلة صحيحة تعطينا صورة صادقة عن الواقع والحقيقة هي وسيلة يجب الاعتماد عليها والثقة بها في تحصيل المعرفة، والمرجع الأول والأخير دائماً هو الواقع، وبالواقع تقاس النتائج. وعلى هذه القاعدة قام بناء الفكر الإسلامي.
أما وسائل المعرفة التي يجب اعتمادها في الفكر الإسلامي فتتلخص بثلاث وسائل:
الوسيلة الأولى: المعرفة المباشرة، وتكون بالإدراك الحسي، ولو عن طريق الأجهزة والأدوات.
الوسيلة الثانية: الاستدلال العقلي بمختلف طرقه الاستنتاجية والاستنباطية.
الوسيلة الثالثة: الخبر الصادق، ومن الخبر الصادق الوحي، وهنا يعترضنا سؤال وهو: إذا كان الهدف الأول والرئيسي هو أن تكون المعرفة مطابقة للواقع والحقيقة، فماذا نصنع حينما تختلف وسائل المعرفة حول موضوع واحد، أو حول نقطة في موضوع واحد؟