معاً بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر، والله أعلم بالحقيقة، لكن كون إبليس من عنصر الجن لا من الملائكة أمر محقق بصريح النص الذي لا يحتمل التأويل.
ويؤكد هذه الحقيقة ظهور المعصية منه بعد الامتحان، وذلك لأن الملائكة من خصائصهم التكوينية أنهم لا يعصون لله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد دلت على هذه الحقيقة نصوص قرآنية كثيرة، منها قول الله تعالى في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول) :
{وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ} .
ووصفهم الله بقوله أيضاً في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول) :
{لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}
وظاهر أن إبليس قد استكبر على طاعة الله إذ أمره الله بالسجود لآدم، ولم يعمل بأمره تعالى، فهو عنصر مغاير لعنصر الملائكة، له إرادة حرة، ودوافع نفسية تدفعه إلى المعصية، ولديه شروط التكليف كاملة.
ولكن (د. العظم) غالَطَ في هذه الحقائق وتلاعب بمفاهيم النصوص كما راق له، ليبني بناءاته الفاسدة على الصورة التزييفية التي صنعها.
وبيان هذه الحقائق أخذاً من صريح النصوص سقط ادعاؤه الفاسد أن النصوص تفيد أن إبليس ملك من الملائكة، وقد عصى لأن الملائكة عرضة لفعل الخير والشر والهداية والغواية كالإنسان.
وإذ عصى إبليس وهو من الجن فليس معنى ذلك أن الجن كلهم عصاة، بل هم كالإنس، بعضهم مؤمنون مطيعون، وبعضهم عصاة، وبعضهم كافرون، ومردة كفار الجن هم الشياطين وهم ذرية إبليس جنوده.
ولما عصى إبليس ربه وأصر على عصيانه ولم يتب إلى بارئه، وإنما جادل وعاند فطرده الله من رحمته، تحدى فآلى على نفسه أن يغوي الإنسان، وأن يتخذ