جنوداً من الجن للإغواء، بعد أن أخذ من ربه وعداً بأن ينظره إلى يوم الدين، فقال الله له: إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، أي: إلى يوم إنها ظروف هذه الحياة الدنيا لا إلى يوم الدين.
وفي الناس شياطين أيضاً، والشياطين من الناس هم الكفرة بالله، الذين يقومون بوظيفة إغواء الناس وصدهم عن سبيل الله، فهم مردة كفار الإنس، وهم شياطين الجن يتولى بعضهم بعضاً، وينصر بعضهم بعضاً، ويكمل بعضهم بعضاً، في أعمال الإفساد والوسوسة والتضليل، قال الله تعالى في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}
وقد ذكرني هذا بالنقاد (د. العظم) ، إذ دافع عن إبليس بما لم يدافع به إبليس عن نفسه بين يدي ربه، فتمم له بعد أن نفذ فيه حكم الطرد من رحمة الله بنود الدفاع التي كان قد نسيها وهو بين يدي المحاكمة الربانية، وما أظن أن المحاكمة ستستأنف، لورود حيثيات جديدة تنبَّه إليها (د. العظم) ولم يكن قد تبنَّه إليها المدَّعى عليه إبليس يوم رفض السجود لآدم.
لقد تلاعب "سيادته" بمضامين القصة، وهو غير مؤمن بها أصلاً، ليشوش على المؤمنين مفاهيمهم وعقائدهم.
إن إبليس مؤمن بربه، إلا أنه عاصٍ معاند متمرد، مستكبر على أمر به، وبذلك كَفَرَ كُفْرَ تمرد على الطاعة، ثم لما طُرد من الرحمة تصدى لإغواء الناس وإفسادهم.
أما "سيادته" فهو يحمل كل هذه الصفات مضافاً إليها الجحود بالله والكفر به وإنكار وجوده أصلاً، فهو بهذا أكثر إيغالاً في الكفر، وأكثر عناداً وتمرداً، وأقدر على المجادلة بالباطل.