وناقدنا (د. العظم) لم يجد سبيلاً إلا أن يغالط عن طريق التعميم الذي أصَّل له.
وحين يتصور (د. العظم) أنه بلغ ما يريد طرح حول الموضوع نفسه مسألة القضاء والقدر، فقال:
"وأفضل مثال على هذا الموقف المشكلة الكلاسيكية التالية: يفترض في المؤمن أن يسلم بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأن يؤمن بالعقاب والثواب، وأن يؤمن أيضاً بالعدالة الإلهية، رغم ما في هذه الموضوعات من تناقضات عقلية وأخلاقية. ويبرر أصحاب هذا الرأي موقفهم بقولهم: إن العقل الإنساني عاجز تماماً عن إدراك طبيعة العدالة الإلهية، وعلاقتها بالحساب والقضاء والقدر، وبما أن هذه المواضيع لا تخضع للمنطق البشري، لذلك تبدو متناقضة ومغايرة لمعاييرنا الأخلاقية وغير منصفة".
يبدو أن الناقد أخذ فكرة القضاء والقدر في الإسلام من أفواه جهلة العامة الجبريين، ولم يقرأها في كتاب علمي معتمد من كتب العقيدة الإسلامية (?) .
وربما يكون قد قرأها في كتاب علمي معتمد إلا أنه طمس مذهب أهل الحق في هذا الموضوع، وأخذ رأي الجبريين الذين كذبهم القرآن فيما ادَّعوه، ورفض مذهبهم جمهور علماء المسلمين، وبعد أن أخذ رأي الجبريين جعله هو الرأي الإسلامي، وأخذ يوجه عليه اعتراضاته لما فيه من تناقض، وغرضه هدم الإسلام كله من خلال رأي فاسد قاومه القرآن، ورفضه علماء المسلمين.
أما تكذيب القرآن لرأي الجبريين فيما ذهبوا إليه، باعتبار معارضاً لمبدأ امتحان الإنسان وتكليفه وجزائه بالعقاب أو بالثواب فنجد في قول الله تعالى في سورة (الأنعم/6 مصحف/55 نزول) :
{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذالِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم منْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ