بأنه (رحيم وبأنه عادل) . عندما ننعت الله بالرحمة والعدل ماذا نعني بهذه الصفات؟ أليس هناك من شبه على الإطلاق بين الرحمة والعدل عندما نطلقهما على الله، وبين تصورنا الإنساني لهاتين الصفتين؟ إذا كان الجواب بالنفي هل تكون إذن أذهاننا فارغة من كل معنى وتصور؟ عندما ننعت الله بالرحمة والعدل، هل ننسب إليه كلمات لا معنى لها على الإطلاق بالنسبة للبشر؟ في الواقع إننا في موقف حرج حيال هذا الموضوع، فإما أن ننعت الله بالعدالة وفقاً لتصور يشبه إلى حدِّ ما وبصورة غامضة تصورنا الإنساني لهذه الصفة، وإما أن يكون قولنا بعدالته كلاماً فارغاً من كل معنى ومحتوى. أي: إننا مرغمون إما على التشبيه وما يترتب عليه من عواقب، أو على التنزيه التام وما يستتبع من نتائج.
يوجد حل تقليدي لهذه الكتلة من التناقضات والمشكلات، وهو الأخذ بظاهر المعنى والتصديق به مع تفويض معرفة حقيقته إليه تعالى، أي التصديق دون معرفة، والإيمان على طريقة العجائز".
مرة ثالثة يلجأ في هذا الموضوع بالذات إلى المغالطة والتمويه عن طريق التعميم الفاسد.
فبعد المغالطة السابقة التي اعتمد فيها على تعميم العجز البشري في واقعهم الدنيوي عن إدراك ذات الله وكنهها، بالنظر إلى أن الأبصار لا تدركه سبحانه، وبعد أن جعل هذا العجز البشري شاملاً للذات والصفات وهو ما لم يقل به أحد، فقز قفزة جديدة إلى مغالطة جديدة، تعتمد على تعميم خلط فيه جميع ما نسب إلى الله من صفات في النصوص، ليعطيها حكماً واحداً عاماً، باعتبار أن بعضها مما يوهم التشبيه بالمخلوقات قد ثار حوله حوار في فهم المراد منه بين المفكرين من علماء المسلمين.
ويبدو أعن علمية المغالطة القائمة على تعميم الخاص أهم عناصر مغالطاته، كما أنها أهم عناصر مغالطات (فرويد) أحد قادته المثاليين في نظره، إذ كان (فرويد) يأخذ من الحالات الشاذة النادرة أحكاماً عامة مطلقة، مخالفاً بذلك كل منهج علمي.