أمامنا مشكلة دين محرف مخالف للحقيقة، أو مخالف لمنطق فليس أمامنا مشكلة دين محرف مخالف للحقيقة، أو مخالف لمنطق العقل والواقع، حتى نلفّق لدعمه الحجج الخرافية، على أن الإسلام لا يرضى ولا يقبل بحالٍ من الأحوال من المؤمنين به أن يلفقوا الحجج الباطلة، أو يختلقوا الشهادات الكاذبات، ولو كان ذلك لدعم الحق الذي جاء به، لأن قبول هذا الأسلوب سيقضي على الأدلة والحجج الحقة الصادقة، وسيقضي بالتالي على الدين من أساسه، إذ قبل بمبدأ التأييد بالباطل، فالحق لا يقبل التأييد والمناصرة إلا بالحق.
ثانياً: الإسلام دين الحق، والحق لا يمكن أن تقوم الأدلة الصحيحة على إبطاله بحال من الأحوال. ولكن قد تقوم الأدلة الباطلة لإبطاله في تصورات المغرورين المخدوعين صغار العقول، على أن هذه الأدلة الباطلة لا تلبث حتى تنهار، وحسبها ضعفاً وقلة شأن أنها أدلة باطلة في أصلها، مهما طليت بالأصباغ وأنواع الزينة من زخرف القول.
ثالثاً: تنقسم المعارف الدينية إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
تكاليف عملية نفسية وجسدية يطالب الناس بها. ومن نعمة الله علينا في الإسلام أنها مشتملة على ما يصلح أوضاع الناس وأحوالهم، ويرتقي بهم إلى أرفع درجة حضارية إنسانية، سواءٌ أكانت تكاليف عبادات، أو تكاليف أخلاق، أو تكاليف معاملات، أو تكاليف أخرى تدفع الناس إلى الارتقاء المجيد في سلَّم الحضارة الإنسانية المثلى، الخالية من عيوب الانهيار الأخلاقي والنفسي والسلوكي.
وبرهان هذا وتفصيله يتطلب شرحاً طويلاً، عرضت طائفة مناسبة منه في كتابي: "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها".
على أن الأصل في التكاليف أنها ابتلاء للإرادة، والامتحان لا يشترط فيه بشكل لازم أن يكون موافقاً لمصالح الواقعين تحت الامتحان. لكن فضل الله كان عظيماً، إذ كان امتحانه لنا في تكاليف تضمن أحسن المصالح لنا، وأوفى المنافع، وأكثر الاحتمالات دفعاً للأضرار والمخاطر، وأسلمها حلاً للمشكلات.