عقولهم، وبدأوا يتشككون في صحة ديانتهم من أساسها، وقام الصراع المعروف بين قوتين:

قوة تقليدية لها مؤسسات ورياسات دينية وأنظمة حكم تدعمها.

وقوة أخرى أخذت سبيلها إلى النهوض المادي عن طريق البحث العلمي، ومناقشة الأمور بالعقل والمنطق وسائر وسائل البحث الإنساني للوصول إلى المعرفة الصحيحة.

وانتهت معركة الصراع بمحاصرة الديانة النصرانية وحجزها داخل جدران الكنيسة، ثم أخذت الأجيال النصرانية سبيلها إلى إنكار ديانتهم، والشك في صحتها من أساسها، وعاشت في فراغ فكري وروحي خطير، وفي هذا الجو النفسي المستعد لملئه بشيء آخر نشط دعاة الإلحاد الماديون يبثون أفكارهم الإلحادية، واستغلت اليهودية العالمية هذا الواقع أو ساهمت في التدبير له، وشحنته بما يلزم من الآراء الإلحادية والنظريات الخادمة لقضية الإلحاد، فأخذ الإلحاد ينتشر في أوروبا انتشار النار في الهشيم، وتبعتها شعوب أخرى، ودار دولاب الانهيار في الغرب والشرق متسارعاً بشكل خطير، مؤذن بدمار قريب تتحقق فيه سنة الله في الأمم.

والمسؤول عن كل ذلك أو معظمه العلماء بالنصرانية ورؤساء الكنيسة، لأنهم لم يصححوا العقائد المزيفة، الدخيلة على أصول ديانتهم، والتي كان اليهود من قبل قد عملوا على إدخالها فيها لإفساد أصول النصرانية، ثم لم يعمل هؤلاء الرؤساء الدينيون لإقناع شبابهم المثقف بالحجة والبرهان.

وهنا يتساءل الشاب المسلم المثقف فيقول: ما هو موقف الإسلام من العقل، ومما تثبته وسائل المعرفة الإنسانية تجاه ما جاء به الدين؟

ومن واجبنا أمام هذا التساؤل أن نحرر الجواب تحريراً شاملاً شافياً:

أولاً: من نعمة الله علينا في الإسلام أن أصوله وأركانه قد سَلِمت من التغيير والتحريف، فلم يصبها شيءٌ، مما أصاب أصول الأديان الأخرى من ذلك، فليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015