المسلمين، ففتكت فتكاً ذريعاً، ودمرت تدميراً منكراً، ولكنها رجعت في آخر الأمر تحمل الإسلام في قلوبهم وفي سلوكها وأعمالها، لقد غزا الحق الرباني قلوبها ونفوسها وأفكارها، بعد أن دخلت غازية له تريد تحطيمه وتدمير كل ما يتصل به.

وكم من رجال مفكرين كانوا ملحدين بالله، تأثراً في مطلع حياتهم بأفكار الإلحاد، وبتضليلات المؤسسات الإلحادية في العالم، التي تلبس العلمانية، وتحمل أسلحة التقدم العلمي والصناعي، وشعارات الثورية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي، ثم اتجه هؤلاء المفكرون نحو الإسلام لنقده واقتلاعه من جذوره، لكنهم كانوا في الواقع طلاب حقيقة، خدعوا بتزييفات المضللين، فلما درسوا الإسلام، وأمعنوا النظر في كتاب الله القرآن، ليستخرجوا منه ما يحاربونه به، إذا بهم يشهدون الحق فيخشعون لله وإذا بهم يجندون أنفسهم وعلومهم وفلسفاتهم للدفاع عن الإسلام، ولإعلاء كلمة الله بين الناس، وإذا بهم يتحولون إلى دعاة هدى وإيمان، بعد أن كانوا قد تجندوا فعلاً في جيش دعاة الضلالة والإلحاد.

وأما تلويح (د. العظم) بانتصار الإلحاد تحت ستار العلم، وقياسه الدين الإسلامي على غيره، وقياسه المسلمين على الشعوب الأوروبية، فهو تنبؤٌ منه يحمل تفاؤلاً مفرطاً لقضية الإلحاد ونشره في الأرض، واكتساحه للعقائد الإيمانية، وهذا الإفراط في التفاؤل يطمعه به بعض الانتصارات الزمنية التي حققها اليهود على الجيوش العربية، إذ استطاعت دسائسهم أن تعزل الإسلام والمسلمين الواعين عن المعركة.

وأما ما يسمى بالنظريات العلمية التي وضعت خصيصاً لدعم قضية الإلحاد في الأرض فهي نظريات زمنية، لا تلبث طويلاً حتى تأتي كشوفات علمية جديدة، ترافقها أوراق نظريات جديدة تلغيها إلغاءً تاماً، وتقترب النظريات الجديدة من مواقع الإيمان خطوات علمية سليمة، وتخسر قضية الإلحاد كثيراً من أسلحتها التي تلبس رداء التقدم العلمي والصناعي زوراً وبهتاناً، كما قال الله تعالى سورة (الصف/61 مصحف/109 نزول) :

{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015