والصحيح مما نسب إلى العلم، وانتصار الإسلام والمفاهيم الإسلامي على النظريات والفرضيات الباطلة المنسوبة إلى العلم، ولا ضير من تصحيح المفاهيم الاجتهادية التي فهمها بعض العلماء المسلمين في عصور مختلفة، إذا استطاع العلم أن يثبت صحة نظرياته المخالفة لهذه المفاهيم.
وليس هذا تراجعاً في الدين، وإنما هو تصحيح لأخطاء المجتهدين في تحديد بعض مفاهيمه، بما يتوصل إليه العلم من حقائق، ويظل الإسلام هو الدين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو لا يتحمل بحال من الأحوال جريرة أخطاء المفسرين لنصوصه، والمجتهدين في استخراج مفاهيمه.
ومما لا شك فيه أن المسلمين يتعرضون في هذا لأخطر حرب تعرضوا لها في تاريخهم الطويل، إنها حرب قائمة على التضليل الفكري الذي يلبس أثواب العلمانية، وتقودها أجهزة شديدة الحذق في صناعة المكايد، وفي تزوير الحقائق العلمية، وتزييف مستنداتها، وفي يدها المال الكثير، والأجهزة العسكرية العظيمة، والمراكز التعليمية الكبرى في العالم، والتنظيمات الحزبية المنبثة في كل قطر، وهي لا تهدف إلى مجرد الاحتلال العسكري في خطة غزوها، ولكن تهدف أيضاً إلى احتلال الأفكار ومراكز العقائد، واحتلال النفوس ومراكز العواطف، وتشتري من داخل كل أمة صنائع وأجراء لها، ببذل المال، والوعود والإغراءات ومرضيات الشهوات الفاجرة.
ومع كل هذه الأثقال العتادية التي تحملها هذه الحرب ضد الإسلام والمسلمين فإننا واثقون من أن العقيدة الإسلامية والمفاهيم الإسلامية الصحيحة ستنتصر أخيراً، على كل الحملات الغازية، لأن الحق مؤهل بطبيعته لأن يكون هو المنتصر في آخر الأمر، وإن أصابته أثناء معاركه مع الباطل متاعب ومشقات، وإن سقط من جنوده شهداء كثيرون، ومهما بدا في أول الأمر ظهور مزيف للباطل، إن هذا الظهور زَبَدٌ لا قيمة له، وسيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض مع مكث الحقائق واستقرارها.
والتاريخ يشهد لهذه الحقيقة، فقد جاءت من قبل جيوش غازية إلى بلاد