(3)
ويقول (رسل) أيضاً: "لقد وجدت أن معظم الفلاسفة قد أخطأوا في فهم الشيء الذي يمكن استنباطه بالتجربة فحسب، والشيء الذي لا يمكن استنباطه بالتجربة".
ويقول أيضاً: "لسوء حظنا لم تعد الطبيعة النظرية تحدثنا اليوم بالثقة الرائعة نفسها التي كانت تحدثنا بها في القرن السابع عشر. لقد كانت لأعمال (نيوتن) أربعة تخيلات أساسية: المكان والزمان والمادة والقوة. وقد أصبحت هذه العناصر نسياً منسياً في علم الطبيعة الحديث. فقد كان الزمان والمكان من الأشياء الجامدة والمستقلة عند (نيوتن) والآن قد تم استبدالهما بما يسمى "المكان - الزمان" والذي لا يعتبر جوهرياً أساسياً، وإنما هو نظام للروابط، وأصبحت (المادة) شكلاً لسلسلة الوقائع، وأصبحت (القوة) الآن (الطاقة) والطاقة نفسها شيء لا يمكن فصله عن المادة الباقية. والسبب كان هو الشكل الفلسفي لما كان يسميه علماء الطبيعة بالقوة، وقد أصبح هذا التصور قديماً، إن لم أقل: إنه قد مات فعلاً، إلا أن هذه الفكرة لم تعد قوية كما كانت من قبل".
فهذا هو (برتراند رسل) يرى أن التفسيرات التي يفسر بها العلماء الماديون ظواهر الطبيعة تفسيرات لا تمثل الحقيقة الواقعة تمثيلاً يوثق به، وهذه التفسيرات تخضع للتغير وفق اختلاف النظرات التي يراها الباحثون.
ويقول أيضاً: "إنه قد توصل بعد دراسات استنفدت كل عمره إلى أن الاستنباط الذي لا يمكن إيضاحه يعتبر أيضاً مقبولاً وجائزاً، وعند رفض هذا النوع من الاستنباط سوف يصاب النظام الكامل للعلوم والحياة الإنسانية بالشلل".
ويقول أيضاً: "إن العلوم تشمل كلا العالمين: الحقيقي والعالم المتخيل وجوده. وكلما تقدم العلم ازداد فيه عنصر الاعتقاد، فبعض الأشياء في العلوم حقائق مشاهدة، ولكن الأشياء العليا تجريدات علمية يتم استنباطها بناءً على المشاهدة. والحقيقة أنه لا يمكن رفض مذهب الشك الكلي إطلاقاً، إلا أنه مع ذلك يصعب قبول التشكيك الكلي في نفس الوقت".