الفلسفة منذ القدم ادعاءات كبيرة، ولكن حصيلتها أقل بكثير بالنسبة إلى العلوم الأخرى".

وما اعترف به (رسل) بعد دراسة طويلة ذكره القرآن بتعبير بسيط، إذ قال الله تعالى في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول) :

{....وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} .

ويتضمن هذا البيان القرآني أن الإنسان لم يؤتَ من الوسائل العلمية التي يمكن أن تعرِّفه بالحقيقة إلا قدراً محدوداً جداً، بيد أن الحقائق في الوجود كثيرة جداً، ومن المتعذر على الوسائل المحدودة أن تدرك من الوجود الواسع إلا على مقدارها، وكل زيادة على مقدارها دون مستند خارجي عنها يعتبر تكهناً، وضرباً من الظن الاحتمالي الضعيف، وهذا الظن لا يغني من الحق شيئاً.

فعجز الإنسان عن الوصول إلى معارف واسعة من حقائق الكون الباطنة يرجع إلى أن وسائله العلمية لا تستطيع أن تشاهد إلا ظواهر تأخذ منها علماً وصفياً للسطوح الظاهرة، أما الحقائق الباطنة فلا سبيل إليها إلا عن طريق التفسير الاستدلالي أو الاستنتاجي، وهذا التفسير الاستنتاجي لا يستطيع أن يحدد ماهية الحقيقة، إنما قد يستطيع أن يشير إليها إلى بعض صفاتها وخصائصها.

ويقول (رسل) : "إن تصورنا العملي للكون للكون لا تدعمه حواسنا التجريبية، بل هو عالم مستنبط كلياً".

ويبلغ الأمر به إلى أن يقول: "إن أفكار الناس لا توجد إلا في مخيلاتهم فحسب" أي: إن التجربة لا تستطيع أن تثبت مطابقة هذه الأفكار للواقع.

وانتهى (رسل) أيضاً إلى أن التجربة أعطيت لها أكبر أهمية، ولذلك يجب أن تخضع "التجريبية" كفلسفة لتحديات هامة.

يقول هذا حتى في النظريات والقوانين العلمية، ومع ذلك فإنه يختار لنفسه مذهب الإلحاد، ويعتمد على افتراضات لا يمكن إخضاعها للتجربة بحال من الأحوال، وذلك بالنسبة إلى نشأة الكون والحياة، ويرجح الداروينية مع أنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015