وكان من الطبيعي أن لا يهتدي إلى فلسفة متكاملة بعد أن اتجه في طريق معاكس للحقيقة، إذ اختار لنفسه طريق الإلحاد والكفر بالله. إنه لو عاش مئة قرن أو أكثر يبحث عن فلسفة متكاملة وهو ملتزم طريق الإلحاد فإنه لن يصل.
إن الباطل متاهة يضل فيها أزكى الناس وأعلمهم، ما دام مصراً - لهوى في نفسه - أن يحيد عن الطريق التي سلكها من قبله جماهير العقلاء، إنه لن يجد هذه الفلسفة المنشودة في المتاهة الفكرية التي سلكها بعيداً عن الطريق، لأنه متى اهتدى فلا بد أن يعود إلى الطريق، بيد أنه مصر على أن يظل بعيداً عنه فكيف يهتدي؟.
إنه سيستمر في المتاهة، وسيظل باحثاً عن فلسفة متكاملة في مكان لا توجد فيه هذه الفلسفة، شأنه في هذا كشأن من يحفر في جوانب الصخرة الصماء ليجد فيها عين ماء تُروي ظمأه، وهذه الصخرة منقطعة عن الأرض من كل جوانبها، فهي لا تتصل بأي عرق من عروق الماء.
ونظراً إلى واقع حال (رسل) التائه عن الحقيقة استطاع البروفسور (ألان وُود) أن يقرظه بقوله:
"برتراند رسل فيلسوف بدون فلسفة".
واقتباساً مما كتبه المفكر الإسلامي (وحيد الدين خان) (?) ، أجمع هذه الدراسة عن هذا الفيلسوف الملحد.
ذكر وحيد الدين خان أنه قرأ كل أعمال "برتراند رسل" واستطاع بعد قراءتها أن يلتقط من أقواله ما يكشف عن النهايات الفكرية التي انتهى إليها.
إنه بعد أن درس الفيزياء، وعلم الحياة، وعلم النفس، والمنطق الرياضي، انتهى إلى أن مذهب "التشكيك (في الوجود) مستحيل نفسياً" ومع ذلك فإن الإنسان عاجز عن أن يحيط إلا بأقل قدر من المعرفة، ويقول بالنسبة إلى الفلسفة: "تدَّعي