لأن تكون مستنداً لرفض الإيمان بالآخرة وما فيها من جزاء، من قبل المعترفين بوجود الخالق العظيم لهذا الكون، وبعد هذا الحصار الفكري للمنكرين حصاراً تاماً، لا يبقى لهم مخرج إلا طريق الإيمان والتسليم، إذا كانوا حريصين على احترام عقولهم، وحذرين من عاقبة إنكارهم. أما إذا لم يكن لديهم هذا الحرص وهذا الحذر فباستطاعتهم أن يظلوا جاحدين بوقاحة، ومنكرين بعناد لا مبرر له، ومورطين أنفسهم بكبرهم في إصرار من ورائه عذاب شديد، وشقاء لا نهاية له، ثم إنهم لا يظفرون بأي كسب مادي أو نفسي لحياتهم الدنيا من جراء هذا الإنكار، إلا أوهام الاستكبار والعناد، والرغبة بالانطلاق في الجرائم والآثام، دون أن ت تحرك قلوبهم بالخوف من مغبة ما يفعلون.
ولقد كشف الله عن هذه الدوافع التي تدفع المنكرين إلى التكذيب بالحياة الأخرى.
أما الكبر الذي جعل قلوبهم تنكر، فنجده في قول الله تعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول) :
{الهكُمْ اله وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ}
وأما الرغبة بالانطلاق في الجرائم والآثام، فنجده في قول الله تعالى في سورة (القيامة/75 مصحف/31 نزول) :
{بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}
والفجور: هو التدفق الوقح إلى فعل الشرور والآثام والجرائم، دون رادع، أو ضابط من دين أو ضمير.
(7)
مع العظم واستناده إلى أقوال (برتراند رسل)
بعد أن عرض الناقد (د. العظم) أقوال (برتراند رسل) التي أنكر فيها الحياة الأخرى ووجود الله تبارك وتعالى، وعرض فيها نظرة الماديين الملحدين إلى الكون