أن حاول صرف الشعور الديني عن الله جلَّ وعلا، وتوجيهه للوثنيات المادية والخيالية قال:

"وقد يتمثل الشعور الديني بهذا المعنى في موقف الفنان من الجمال، أو في موقف العالم من البحث عن الحقيقة، أو في موقف المناضل من الغابات التي يعمل لتحقيقها، أو في موقف الإنسان العادي من أداء واجباته الحياتية واليومية".

لقد كان بإمكانه أن يعبد الله وحده وهو في هذه المواقف كلها، لأن عبادة الله بمعناها الواسع تتمثل في كل عمل أو تصور أو عاطفة، مما أذن الله به إذا ابتغى به الإنسان مرضاة الله تعالى، لكنه - وكذلك سائر الملحدين - يكرهون الخضوع لمن خلقهم، ويلذ لهم أن يخضعوا لخلقه.

إن الدين ومشاعره والدوافع إليه حقائق مغروزة في الفطرة الإنسانية، لا يملك أي إنسان نسخها من الواقع الإنساني، مهما حاول التضليل في الأمر، وفي حال كبتها يعيش الإنسان ضائعاً قلقاً مضطرب المشاعر، ذا حاجة أصيلة في نفسه، وهذه الحاجة محرومة من التلبية الصحيحة.

في كل إنسان إحساسات فطرية صادقة، تنزع به إلى الإيمان بوجود خالق لهذا الكون كله، ومشاعر فطرية صادقة تتوجه نحو هذا الخالق العظيم بالدعاء، وبطلب المعونة والإمداد الدائم، وتتوجه إليه بالخشوع والإجلال والحب، وحاجات فطرية أصيلة لعبادته والتماس الصلة به، وهذه الإحساسات والمشاعر الفطرية تشترك بالإحساس والشعور بها جميع الخلائق المدركة، على اختلاف نزعاتها، ومستويات ثقافاتها، في البيئات البدائية، وفي المدن المتحضرة، وفي منتديات المثقفين، وفي قاعات العلوم والفنون والمختبرات.

إنها صبغة الله، وفطرته التي فطر الناس عليها، هذه حقيقة بيَّنها الله بقوله في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :

{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ}

وبقوله في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015