إنه يمنع الأخذ بالمصادفة في مجال البحث النظري للوصول إلى أفكار صحيحة، ويقبل مبدأ وجود الأحداث الكونية وتغيراتها وقوانين الطبيعة كلها والإنسان وعقله الذي يفكر فيه على أساس المصادفة.
هذا مع أننا من وجهة نظرنا الإسلامية لا نقبل أن تكون المصادفة أساساً لإقامة عقائد وآراء ومفاهيم، ولا لقيام أحداث كونية كبرى ذات نظم محكمة، وقوانين ثابتة، ومن عثر مصادفة على رأي صحيح أو اكتشاف علمي، فإننا لا نقبله منه ما لم يدعمه بعد المصادفة بالأدلة الكافية، أو بالتجربة الصحيحة القابلة للإعادة والتكرار.
ثم يختم (العظم) نقده لبحث (وليم جيمس) بقوله:
"في معرض نقدنا لرأي (جيمس) يجب أن نذكر أن المفكر الذي لا يعتقد بوجود الله، أو يعلق الحكم حول الموضوع بأسره، قد لا يفعل ذلك من جراء تكوينه العاطفي، باعتبار أنه ربما كان بطبيعته العاطفة أميل إلى الاعتقاد منه إلى الرفض. إنه يفعل ذلك لأن القناعات الفكرية التي تشكلت لديه على أسس علمية واضحة لا تسمح له بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه".
في كلامه هذا اعتراف ضمني بدليل الفطرة التي تهديه وتنزع به إلى الإيمان (فطرة الله التي فطر الله عليها) ولكنه يكبت فطرته بأوهام الجحود والإنكار، وبما أسماه من قناعات، وهي لا تزيد على أنها مواقف عنادية، مشحونة بالأكاذيب والمغالطات والسفسطات الجدلية. ففي كل أقواله وجدلياته، وفي كل ما ساقه من أقوال لأساتذته، لم نجد ما يولِّد أية قناعة لباحث عن الحقيقة صادق في بحثه.
والسفسطة والمغالطة والكذب لا تشكل له عذراً مقبولاً بين يدي ربه، حينما يأتي ذليلاً حقيراً لا يملك شيئاً.
أما زعمه بأن المؤمن بالله لا تسمح له القناعات الفكرية بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه، فزعم لم يقم عليه دليلاً في كل ما كتب، وإنما ألقاه كلاماً تقريرياً خالياً من أية حجة صحيحة،