سارت مشرِّقة وسرتُ مغرباً *** شتان بين مشرِّق ومغرِّب
ثم بعد أن ظن أنه قد قرر النتيجة المفحمة قال:
" حتى لو كان الاعتقاد الذي تقبلناه عن طريق العاطفة والميول صادقاً وصحيحاً بمحض المصادفة، فلن يكون له قيمة، لأن شأن هذا الاعتقاد هو كشأن الوصول إلى المال عن طريق السرقة، عوضاً عن طريق العمل الشريف. أي: إننا وصلنا إلى هذا الاعتقاد الصادق بطريق غير مشروعة، ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة ".
ونحن لا نريد أن نعلق على هذه المناقشة الضعيفة الواهنة كثيراً، لأن موضوعنا لا يهمنا، باعتبار أن قضية الإيمان بالله وتعالى وبما جاءنا عنه، هي بالنسبة إلينا قضية علمية، توصلنا إليها بالمنطق السليم، والحجة الدامغة، والبرهان القاطع، ولا شأن لنا بمن أنكرها أو أغمض بصيرته عنها.
ولكن ننتقد هذه المناقشة من وجهين:
الأول: ما أسماه بالمصادفة التي قد توصل الإنسان إلى الاعتقاد الصحيح الصادق، قد شبهه بكسب المال عن طريق السرقة، عوضاً عن طريق العمل الشريف، وكان منطق التشبيه يقضي عليه بأن يشبهه بالعثور على منجم في جبل، أو لُقَطَةٍ في صحراء، أو كنز لا مالك له.
على أن القضية بالأساس ليست من قبيل المصادفة، إنما هي من وجهة نظر (جيمس) ترجيح قائم على نظر صحيح، يحق للإنسان معه أن يتخذ مذهباً.
يضاف إلى هذا أن الإلحاد الذي تمسَّك به (العظم) وأضرابه، هو الذي يصح أن يوصف بأنه عمل غير مشروع، إلا سند لمذهب الإلحاد مطلقاً، فلا يوجد دليل ولا شبه دليل يدعمه، بل فيه رفض لأدلة الإيمان المثبتة، أو لأدلته المرجَّحة على أدنى المستويات، كالدليل الذي اعتمد عليه (جيمس) .
الثاني: كان الأحرى بالعظم أن يطبق على مذهبه الإلحادي قوله:
"ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة".