وذكر هذه الطائفة غني عن الرد عليها، إذ مقتضى دعواها أنهم أعلم من سلف هذه الأمة في العقيدة، والشريعة، والعربية، والفهم، والاستنباط، والفقه، وهذا هو التقديم المنهي عنه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1].
وما ذكرنا من النصوص السابقة يغني عن إطالة الرد عليها .. وهذه الطائفة وليدة المعتزلة عُبَّادِ العقل .. ومن قَدَّمَ عقله على شرع الله فقد عَبَدَ عَقْلَهُ.
وقد رد عليهم كثيرون، ومنهم سيد قطب في ((خصائص التصور الإسلامي))، وغيره، فأجاد، وأفاد، طيب الله ثراه، وغفر له خطاياه، وجعل الجنة مأواه.
قال في رده على محمد عبده:
(( ... حتى صَرَّحَ -أي: محمد عبده- مراتٍ بوجوب تأويل النص ليوافق مفهوم العقل، وهو مبدأ خَطِرٌ)) (?).
وكيف لا يكون خطيرًا وفيه إحالةُ شرعِ اللهِ المنضبط إلى عقل غير منضبط، وإحالة علم الله الواسع إلى فكر غير مُدْرِكٍ؟ !
وقد فَضَحَ أجدادَهُمْ مِنْ قَبْلُ شيخ الإسلام ابنُ تيمية -رحمه الله- في كتابه العظيم ((درء تعارض العقل والنقل))، وبين عوار مذهبهم، وضلال منهجهم، وقد أجاد ووفى، وشفى الله بِرَدِّهِ صدور قوم موقنين، فعليه من الله الرحمة والرضوان.
وقد فَصَّلْنَا القول فيهم في أصول الطائفة المنصورة، فيما سيأتي إن شاء الله.