القابل؟ ثم أمر بوضع التاريخ، واتفقت الصحابة على ابتداء التاريخ من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وجعلوا أول السنة المحرّم (?).
أما علم التاريخ فقد عرَّفة وبيّنه طاش كبري زادة بقوله: "هو معرفة أحوال الطوائف، وبلدانهم، ورسومهم، وعاداتهم، وصنائع أشخاصهم وأنسابهم، ووفياتهم. . . إلى غير ذلك، وموضوعه: أحوال الأشخاص الماضية، من الأنبياء والأولياء، والعلماء والحُكَماء، والشُّعراء، والملوك والسلاطين. . . وغيرهم، والغرض منه: الوقوف على الأحوال الماضية، وفائدته: العبرة بتلك الأحوال، والتنصُّح بها، وحصولُ ملكة التجارب بالوقوف على تقلّبات الزمن، ليُحترز عن أمثال ما نقل من المضارّ، ويُستجلب نظائرها من المنافع، وهذا العلم كما قيل: عمر آخر للناظرين، والانتفاعُ في مِصْره بمنافِعَ تَحْصلُ للمسافرين" (?)، وينحصر حديثنا في علم التاريخ.
يمثل التاريخ أحد مصادر المعرفة الإنسانية التي اهتم بها الناس، فتدارسوه، وألفوا مجالسه، واستمعوا أخباره، وصنّفوا فيه، لأنه يفيد تسليةً ولَذَّة، ويعطي المتعةَ الكافية، ويُرضي غريزة حب الاستطلاع، ويبعث على العبرة والتفكّر في الأحداث، فالعاقل من اتعظ بغيره، والمحنَّك من تخطَّى تجارب غيره، فالتاريخ يعطي القارئ والسامع نماذج من السلوك البشري بما فيه من غرائز، وعواطف، وميول، وسلوك، وطموحات، وآمال وآلام، فرد أو جماعة، مع بيان النتائج التي تترتب على كل تصرف، سواء كان صوابًا أم خطأ، عامًا أم خاصًّا، ماديًا أم معنويًا، فرديًا أم اجتماعيًا، وهذا يثير الهمم للنهوض، أو التأسِّي بالسَّلف، أو الاقتداء بالأمم الحية، أو التحرز والتحفظ من المسالك الوعرة، والمنزلقات الخطرة التي لا تُحمد عقباها.