فصاعد بها وهم فيها في دجْلة، فلما حاذوا الدار التي فيها ابن المعتزّ ومحمد بن داود صاحوا بهم، ورشقوهم بالنّشاب، فتفرّقوا وهربَ مَنْ في الدار من الجند والقوّاد والكتاب، وهرب ابن المعتزّ ولحق بعض الذين بايعوا ابن المعتزّ بالمقتدر، فاعتذروا بأنّه منِع من المصير إليه، واختفى بعضهم فأخِذوا وقتِلوا وانتهب العامة دور ابن داود والعباس بن الحسن؛ وأخذ ابن المعتزّ فيمن أخِذ.
وفي يوم السبت لأربع بقين من شهر ربيع الأوّل منها سقط الثلج ببغداد من غدوة إلى قدر صلاة العصر، حتى صار في الدور والسطوح منه نحو من أربعة أصابع، وذكر أنَّه لم ير ببغداد مثل ذلك قطّ (?).
وفي يوم الإثنين لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأوّل منها، سُلِّم محمَّد بن يوسف القاضي، ومحمد بن عمرويه، وأبو المثنّى، وابن الجصاص، والأزرق كاتب الجيش في جماعة غيرهم إلى مؤنس الخازن، فترك أبا المثنى في دار السلطان، ونقل الآخرين إلى منزله، فافتدى بعضهم نفسه، وقتل بعضهم، وشُفع في بعض فأطلِق (?).
وفيها كانت وقعة بين طاهر بن محمَّد بن عمرو بن الليث وسُبْكَرِي غلام عمرو بن الليث، فأسر سبكري طاهرًا، ووجّهه مع أخيه يعقوب بن محمَّد إلى السلطان.
وفيها وجّه القاسم بن سيما مع جماعة من القوّاد والجند في طلب حسين بن حمدان بن حمدون، فشخص لذلك حتى صار إلى قرقيسيا والرّحبة، والدّالية، وكتب إلى أخي الحسين عبد الله بن حمدان بن حمدون بطلب أخيه، فالتقى هو وأخوه بموضع يعرف بالأعمى بين تَكريت والسُّودقانية بالجانب الغربي من دِجْلة، فانهزم عبد الله، وبعث الحسين يطلب الأمان، فأعطِي ذلك.
ولسبع بقين من جمادى الآخرة منها وافَى الحسين بن حمدان بغداد، فنزل باب حرب، ثمَّ صار إلى دار السلطان من غد ذلك اليوم، فخلع عليه وعقد له على قُمَّ وقاشان.