ذكر الخبر عن بعض سيَر المخلوع محمد بن هارون

ذُكر عن حُميد بن سعيد، قال: لما ملك محمد، وكاتَبه المأمون، وأعطاه بيعتَه، طلب الخِصيان واتباعهم، وغالَى بهم، وصيّرهم لخلوته في ليله ونهاره، وقِوام طعامه وشرابه، وأمره ونهيه؛ وفرض لهم فرضًا سماهم الجراديّة، وفرضًا من الحبشان سمّاهم الغُرابية، ورفض النساء الحرائر والإماء حتى رُمِي بهنّ؛ ففي ذلك يقول بعضهم:

ألا يَأ مُزمِنَ المثوى بطوسِ ... عَزيبًا ما يُفادَى بالنُّفُوسِ

لقد أبقيتَ للخصيان بعلا ... تحَمَّلَ منهمُ شؤمَ البَسُوسِ

فأَمّا نوفلٌ فالشأْنُ فِيهِ ... وفي بدرٍ، فيالك من جَليس!

وما العُصمِيُّ بَشَّارٌ لديْهِ ... إذا ذُكِروا بذي سهمٍ خَسيسِ

وما حَسَنُ الصغيرُ أَخسُّ حالًا ... لديه عند مخْترق الكؤوسِ

لهمْ من عُمْره شَطرٌ وَشَطْرٌ ... يُعاقِرُ فيه شَربَ الخَنْدريسِ

وَمَا للغانيات لَدَيْهِ حظُ ... سِوَى التَّقْطِيبِ بالوَجهِ العَبوسِ

إذَا كانَ الرئيسُ كَذَا سَقِيمًا ... فكيفَ صَلاحُنا بعدَ الرئيس!

فلو علمَ المقيمُ بدارِ طُوسٍ ... لَعزَّ على المقيم بدارِ طُوسِ (?)

قال حميد: ولما ملك محمد وجّه جميع البلدان في طلب الملهِين وضمِّهم إليه، وأجرى لهم الأرزاق، ونافس في ابتياع فُرْه الدوابّ، وأخذ الوحوش والسباع والطيْر وغير ذلك؛ واحتجب عن إخوته وأهل بيته وقوّاده، واستخفّ بهم، وقسم ما في بيوت الأموال وما بحضرته من الجوهر في خصيانه وجلسائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015